هل تصدق أن هناك عددا غير قليل من البشر يتلهى بوحدته؟
يشعر بأن وحدته رفيقه الذى لا يدعه أبدا فى أمر أو شأن، يشاركه فى أموره، أعماله وأوقاته، يقضى معه إجازاته ونزهاته، يصحو معه وينام .
وفى الوقت الذى يشفق فيه عليه من حوله ويشعرون تجاهه بالأسى، يشعر هو بالراحة، بل ويشفق عليهم ويندهش من قدرتهم على تحمل الاندماج مع البشر فى كل مكان، فى العمل، السكن، المواصلات وفى العلاقات الاجتماعية، ويرى أنها تشحنه طاقة سلبية وتمتص طاقته الإيجابية عن آخرها .
وإن كان السبب فى انعزاله يرجع إلى نية مبيتة وقرار التزم به مع نفسه لأسباب يراها كافية؛ أو لسوء معاملة أو تهميش وعدم تفهم ممن حوله، فهو يشعر بالاسترخاء والسكينة فى وحدته ويشعر مع الناس بإنهاك ومشقة واضطراب .
والوحدة نوعان ؛ نوع يساعدك على مشاهدة مسرح الحياة بتروى وإمعان، حتى تفهم تفاصيل ودقائق قد لا تفهمها مع زحام الناس وهذا النوع يجعل منك حكيما خبيرا ويصقل قدراتك بوجه عام.
ونوع يفصلك تماما عن العالم ويصعب عليك العودة إليه والتعامل معه من جديد، حيث يضعف من نفسك ويجعلك غير قابل للتعامل مع كل أصناف البشر، لأن التعامل معهم يحتاج إلى مجهود غير قليل .
أى النوعين أصابك؟
اجتهد فى أن تجعل من الانعزال المقصود والانفصال المحسوب عمن حولك، فترة تلملم فيها ما تبعثر من نفسك جراء تعاملاتك كلها، واعلم جيدا انك عائد بعد حين ولا تدعه يتحول إلى وحدة لا رجوع منها ؛ والتى قد تنتهى لا قدر الله باضطراب نفسى مؤقت أو دائم .