شحات عثمان يكتب: بداية النهاية

دورات الحياة عالم يستدعى التدبر دوما من ظهر رجل إلى بطن امرأة إلى ظهر أرض إلى بطن أرض ثم يأتى يوم العرض على الواحد الجبار، طوال هذه المراحل نتعرض لبيئات مختلفة وعوالم مختلفة، ربما نعلم عن بعضها القليل والكثير منها خفياً لغاية ربانية يعلمها وحده سبحانه وتعالى. فى تلك المراحل يظهر لنا العديد من الرسل والإشارات، فنحن نودع هذا ونقابل هذا، وندعو بالمغفرة لهذا وينسى هذا من قاموس الذكريات . مما لا شك فيه أن من تلك الرسل الأمراض والابتلاءات فى الصحة أو الولد أو التعليم والعمل وهنا يدعوا الإنسان ربه متضرعاً وجلاً قائماً وقاعداً ومضطجعاً حتى يتم كشف البلاء وتتبدل النقم إلى نعم ومنح، وقد كتبت كثيراً عن المِنَحْ التى تأتى من رحم المِحَنْ وبينت غاياتها وكيف أنها هدايا وعطايا ربانية مثلما حدث مع رسولنا الكريم فى رحلة الإسراء والمعراج وكيف كانت مكافأة على فقدان الأحبة واضطهاد القوم والعشيرة . فى خلال هذه المراحل الحياتية يظهر أشخاص يعاضدون ويساندون ويتألمون للألم وآخرون يهربون ويولون الدُبْرْ، كنت أعتقد اعتقاداً يقينيا مصحوباً بطمأنينة قلبية بأنه ما كان ليخطئك ما يصيبك وما زال هذا الاعتقاد راسخاً ومتغلغلاً فى وجدانى ولن يتغير إن شاء الله، فهى مراحل متغيرة وأحداث مرسومة تسير على نهج ونُسق مُنتظم كما تم رسمه من رب العباد لحظة نفخ الروح فى الوعاء الثانى للدورة الحياتية . الكثير منا يذهب دون تقديم أو تأخير أو تغيير فى المجتمعات رغم أنه يعيش من الأعمار ما يتم تسجيله فى موسوعة جينيس للأرقام القياسية، والبعض الأخر ربما لم يَعِشْ طويلاً ولكن استطاع أن يحدث طفرات نوعية فى المجتمع المحيط ويجعل اسمه خالدا بين الخالدين الذين لن ينساهم الزمان يوماً، فقد تم تدوين حروف اسمهم فى سجل المنجزين المؤثرين . الدورة الحياتية البشرية فوق ظهر الأرض جعلها الله لهذه الأمة فترة وجيزة وتم تشبيهها بالسوق الذى يدخله الناس من أحد الأبواب ويخرجون من الباب الأخر، والعاقل فيها من يأخذ من هذا السوق أطيب السلع ويتجنب أردئها وحتى أن ضحك عليه أحد التجار وما أكثرهم فى بضاعة معينة عليه أن يسارع إلى فرزها وعزلها عن بقية السلع التى قام بشرائها قبل أن يَلِجْ باب الخروج ليقابل رب العالمين وهو راضٍ عنه غير غضبان، لذا تم ذكر التوبة فى القرآن الكريم فى عدة مواضع وسميت إحدى السور باسمها. كتبت عند بلوغ الأربعين مقالاً أسميته الأربعين تم نشرة فى كتابى الأول نبضات مغترب الصادر عام 2015 عن دار الكتب، وتناولت فيه هذه المرحلة الانتقالية وكيف يتعدل الحال فيها إلى أحوال أُخرى كما بينها رب البرية فى كتابه الكريم بقوله سبحانه وتعالى [ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِى أن أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِى أَنْعَمْتَ عَلَى وَعَلَىٰ وَالِدَى وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِى فِى ذُرِّيَّتِى إِنِّى تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّى مِنَ الْمُسْلِمِينَ ] .صدق الله العظيم . ربما لم أدرك مقاصدها يوم وصلتها وهذا طبيعة حال البشر النسيان وتكرار الأخطاء ولولا الأخطاء ما كانت التوبة والرجوع إلى رب البرية، ولولا رُسل الدورات البشرية التى نَمُرْ بها فى حياتنا ما كان هناك فرصة للرجوع أبداً . ويبقى دوما الحمد لله على رُسُلكْ وابتلائك ورسائلك فاغفر وتجاوز وارحم وأدرك سقطاتنا وهفواتنا قبل باب الخروج من سوق البشر .



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;