منذ اللحظة الأولى للولادة
يأتى المولود باكياً وكأن البكاء عادة
يبكى من الجوع والعطش والبلل
ويبكى فى كثير من الأحيان بلا عِلل
يخاف من الظلمة والمجهول
والخيال وكل ما لا تستوعبه العقول
وعندما يصل لمرحلة الصِبى
يخشى أشرار صحبته الذى معهم يلعب
يحزن عندما لا يجد ما يريد
ويتوجس من كل غريب وجديد
وعندما لا يجد رسالة أبيه فى البريد
ويكبر ليصل إلى مرحلة الشباب
فيجد من يدفعه لطريق الإرهاب
فالجميع أعداء والكلّ سواء
هذا عدو للوطن وذاك عدو لله
وهذا عدو لقبيلته وهذا للبشرية أساء
يكره مسئولى التعليم لأنهم حرموه من القمة
ويكره الوقت الذى كان فيه من العامة
يتوجس من الشرطة والمباحث والدوريات
وكل من يطلب منه إبراز البطاقات
يكره كل الأماكن المزدحمة والطوابير
ويخشى أن يكون ضحية حادث سير
ويخشى لحظات الامتحانات
ولحظة اختبار قيادة السيارات
يُملى عليه كراهية الحكّام
وكأنها رمز الجبروت والأصنام
يخشى من عدم تجهيزه للزواج شقة
وألا يجتاز الحياة اليومية بلا مشقة
يصيبه القلق قبل ليلة الزفاف
لأساطير المقدرة والعفاف
وكيف يزيل آثار الاستلاف
يتوتر عند تأخير الحمل
وعندما يرى فى المنزل النمل
وعند لحظة الولادة
وعندما يقابل من يتصفون بالبلادة
وعندما يصل اولاده إلى الثانوية
وعندما يحتاج أحدهم لدخول الشرطة أو الحربية
وعندما يعتدى على بلاده الأعداء
وعندما تجدب الأرض ويتأخر هطول الماء
وعندما يمرض بأى داء
ففى كل الحالات هو مابين قلق أو حزين
وهكذا يمر العمر يجرى بانقضاء السنين
ويعلم عندها وعندها فقط
أنّه لا داعى أبدا للبكاء
ولا للحزن واللغط
ولا للحزن واللغط