الصدفة، كثيرون يُجبرهم أمر الصدفة، فبعض الناس تؤمن بالصدفة، بل وتتفاءل بها، والبعض الآخر على أتم القناعة بأنه لا شىء فى الحياة يحدث بالصدفة، ولا أحد يستطيع أن يجزم برأى حاسم فى هذه القضية، ولكن الواقع أن جميع أمورنا مرتبة بأمر المولى – عز وجل – وأن هناك قدر قد كُتِبَ على الإنسان، ولكن الصدفة هى فى الأساس تندرج تحت التصرفات التى لم يتم الترتيب لها من قبل، ولكن هل نختلف على أن الصدفة أحيانًا تأتى بنتائج أفضل، ولكنها فى الواقع نتيجة ترتيب القدر، فالإنسان لم يرتب لها، ولكن القدر كان على موعد معها، وصدق من قال "رُبَّ رمية من غير رامٍ" .
وأصل هذا المثل أنه كان هناك أحد الحكماء مشهور باحتراف الرماية، فخرج يومًا ليصطاد، ولكنه لم يستطع الصيد فى هذا اليوم، ورجع بدون أى صيد، وظل الحال على ما هو عليه فى اليوم التالى، فغضب غضبًا شديدًا، وقال: "إن لم أُصِبْ أى فريسة اليوم سأقتل نفسى"، فأصر ابنه على الذهاب معه، فقام الحكيم برمى سهمه، فلم يصب أيضًا، فاقترح ابنه أن يرمى مكانه، وهو لا يعرف الرماية، فرمى فإذا بالسهم يصيب، فقال الحكيم: "رُبَّ رمية من غير رامٍ" .
فلو تفكرنا فى هذا الحدث سندرك أنها بالقطع صدفة؛ لأن ابنه لا يعرف أصول الرماية، ولكنها صدفة قدرية رتبها القدر بهذا أن يحصل هذا الرجل على رزقه فى هذا اليوم من الصيد، فهو حصل على نصيبه بطريقة الصدفة من وجهة نظره، ولكنها صدفة مقصودة من القدر . لذا، فعلينا ألا نندهش من صدف الحياة، فهى تحدث لنفاذ مقدراتنا، وتدبير أمورنا ؛ لأنها فى واقع الحال صُدَفٌ مُرَتَّبَةٌ .