دائما ما كنت أخشاه لا أستطيع مشاهدته على الشاشة فيجعلنى أرتعد ولا أبالغ فى تلك الكلمات فلتركيزى الشديد فى الفيلم وتأملى فى اﻷداء حتى الاندماج قررت أن أقاطع جميع الممثلين الذين يلعبون أدوار الشر فهم يخيفوننى .. لا أشاهد أفلام فريد شوقى ولا محمود المليجى ولا أحتمل باﻷكثر مشاهده أفلام ذكى رستم لكن مع الوقت وبحكم دراستى بدأت متابعة تلك الأفلام التى تحوى أبطالاً أقوياء يتخذون من الأدوار الشريرة منهج لهم وذكى رستم هذا الرجل العملاق ذو التعبيرات القاسية والعيون الحادة التى تشبه فى نظراتها عين الصقر فى أحيان كثيرة كنت أنسى أنه يمثل وأنه فقط يقوم بأداء دورما فى قصة خيالية ولعلى هذا يكون السبب فى خوفى الشديد منه.
فهو ممثل بارع فى أداء الدور ويتخذ من الاندماج الشديد للشخصية المكتوبة مدرسة له مما يجعل فى النهاية المتفرج يندمج معه أيضا دون أن يشعر.
والقصة المعتادة تتكرر دائما فتربى فى بيت من طبقة ارستقراطية صارمة لها عادات وتقاليد وفى نظرهم أن فن التمثيل مهنة اﻷراجوزات يذهبون لمشاهدات المسرحيات للتسالى فقط ليس أكثر ولا يصح أن ينتمى إلى تلك الفنون أبناء العائلات لذلك كبر رستم وفى داخله موهبة التمثيل تنمو معه، فالمواهب لدى الإنسان أن لم تجد لها مخرجا وأن لم يشبع بها ويحقق كيانه من خلالها يصبح مريض كالجثة الهامدة أو هائما بلا روح ولا كيان لذلك دائما ما يتصارع الإنسان للوصول نحو هدفه فيما يحبه عقله وتشتاق إليه نفسه فكان يمثل خلسة ويلعب مسرح خلسة فقد كانت تلك الأشياء لا تليق بأبناء الباشوات ولا يليق المجاهره بها فكيف يتجه للتمثيل وهو من أبناء الطبقة الأرستقراطية فهو أبن محرم بك رستم عضواً فى الحزب الوطنى وصديق للزعيم مصطفى كامل ومحمد فريد.
وحاول أن يتخلى عن هذه الفكرة ﻷجل صرامة الأسرة فأتجه إلى الرياضة وأصبح البطل الثانى لمصرفى رياضة حمل الأثقال إلا أنه لم ينسى موهبته الحقيقية حتى تشجع فى يوماً من الأيام ووقف معلناً أمام والدته بأنه لا يستطيع البعد عن ما يحبه وأنه لا ينوى أن يذهب لدراسته فى كلية الحقوق
ووقعت تلك الكلمات على الأم وقع الصاعقة ولم تقدر على تحملها وقالت له أنه يريد أن يصبح أراجوز وطردته من البيت بعد أن خيارته بين الحقوق والفن ولكنه تخلى عن كل شئ فى سبيل ما يحب ولخطورة الأمر انذاك على الطبقة الاجتماعية لهذه الآسرة أصيبت والدته بالشلل حتى توفيت.
وبدأ ذكى رستم الفن بانضمامه لمجموعة من الفرق المسرحية أولها فرقة جورج أبيض التى كانت معظمهم من الفرنسيين والتى قدمت أكثر من 130 مسرحية بقياده الفنان الكبير جورج أبيض ثم أنضم إلى فرقة عزيز عيد وبعد مرور سنين عديدة فى المسرح ينتقل من فرقة إلى أخرى دخل إلى عالم السينما هذا العالم الذى يجعل من الفنان نجم متوهج ذو بريق وسحر خاص وقدم العديد من الأدوار التى لا تنسى منها فيلم نهر الحب الذى قام فيه بدور رجل متغطرس يستغل كل الظروف نحو أهدافه فالعقل لديه هو المسيطر على كل الأمور فلا مجال للعاطفة فها هو يرى نوال فيستغل أخيها الذى يعمل عنده كمحامى ليتزوج بها وإلا أوقعه فى ورطة وتضحى نوال من أجل أخيها لتعيش حياة قاسية مع هذا الرجل القاسى الذى لا يعرف معنى الحب ولكنه يعرف جيدا معنى التملك وأن تكون الأشياء ملكية خاصة له كالتحف فى القصر يحركها كما يشاء ووفق ما يريد وعن قوة أداء ذكى رستم الذى يجعل قلب المشاهد ينبض من التوتر فوجهه جامداً صامداً لا يعكس أى مشاعر مطلقا هو فقط يتحرك ويصدر الأوامر بعد تفكير عميق وتحليل منطقى للأمورخالى من العاطفة فكل مشهد له من مشاهد الفيلم لا تكفى الكلمات للتعبير عن قوه موهبته وإبداعه وبرزت تلك القوة له أيضا بسبب ضعف ورقة فاتن حمامه أمامه فعندما أشاهد هذا الفيلم يأتى فى مخيلتى أننى أرى فيلم الجميلة والوحش مع الفارق أن الوحش فى فيلم ديزنى يتحول لأمير جميل رقيق بسبب الحب ولكن هنا الوحش يظل مسيطراً حتى نهاية الفيلم.
ولعب هذا الدور مرة أخرى أو شبيه له فى فيلم أين عمرى قصة الكاتب الكبير إحسان عبد القدوس الذى فيه يقوم بأداء دور رجل كبير(عمو عزيز) يحب فتاة صغيرة ويتزوجها مستغلا سذاجتها وفرحتها بفستان الزفاف ويذهب بها بعيدا وكأنها دمية يمتلكها حتى تذوق ألوان العذاب والقسوة فى بيته لتنتهى تلك المأساة بهروبها.
والعديد من الأدوار المتنوعة كتاجر المخدرات فى رصيف نمرة خمسة، رئيس عصابة فى ملاك وشيطان، الأب فى أنا وبناتى، الجد ذو القلب الحنون فى فيلم ياسمين بطولة الطفلة فيروز.
ويذكر أن ذكى رستم هذا الفنان الجميل لم يتزوج وعاش حياته أعزب فى عمارة يعقوبيان بوسط البلد وكان يقطن معه خادمه العجوز وكلبه، ويذكر أنه مات بعد أن فقد حاسة السمع ولم يشعر به أحد من الجماهير على الإطلاق.