نتناسى دوماً أن مصر بلد زراعى، وأن الحضارة حينما نشأت عندنا قامت بالزراعة على ضفاف النهر الخالد، وأن المصريين القدماء هم من ابتكروا الفكرة، فأتوا بنظام الزراعة بالأحواض، فى الوقت الذى كان يبحث فيه "الإنسان القديم" عن طعامه مُتنقلاً بين جبال ووديان وصحارى، وكان يلقى حدفه بسبب أنه اتجه لطريق ليس به ماء أو طعام، ولكن المصرى القديم ابتكر فحفظ طعامه، وعرف معنى الموطن، ثم أنشأ حضارته .
أقول هذا لأن فى الوقت الذى لم تكن فيه معرفة فى هذا العالم كان للمصرى أمنه الغذائى، واليوم تتحقق المعرفة ومع ذالك نستورد نسبة كبيرة من غذائنا، ولا يزال بعضنا يبحث عن العيش خارج موطنه، فيسلك سبيل الإنسان القديم ومنا من يلقى حتفه نتيجة أننا تركنا ما ورثناه عن أجدادنا وظننا أن العيش فى التنقل وليس فى منشأ الوطن .
مصر بها أراضى كبيرة صالحة للزراعة، وبها نهر خالد كم من دول تمنت لو كان بها مثله أو فرع من فروعه، ولدينا شباب يعانى من البطالة، وفى اعتقادى أن الدولة قادرة على تحقيق المعادلة فى إنهاء البطالة وزراعة الأراضى التى تتعطش للإنبات، وليس عندى أى شك فى قدرة مصر على استعادة قوتها فى حفظ أمنها الغذائي، لتوفير المزيد من العملات الأجنبية، وهو الأمر الذى سينعكس على سعر صرف العملة، ومن هنا سنكون قد فتحنا بوابة الاقتصاد على مصراعيها، لأننا سنمتلك غذاءنا، والقدرة متوفرة لتحقيق فائض يتم تصديره، وهناك محاصيل الآن بها فائض وتستوردها منا دول كبرى .
موضوع الزراعة وتأثيرها الكبير فى الاقتصاد المصرى لا يتسع مقال واحد لسرده، لكن إن شاء الله سنسرد مقالات كثيرة قادمة، كيف يتم إقناع الشباب بالتجربة الزراعية؟ كيف نستطيع أن نصل بالزراعة للريادة العالمية؟ كيف نشجع السياحة الزراعية؟ كيف نصل بالعملة سريعا إلى سعر الصرف المطلوب ببوابة الزراعة؟ كيف تصبح الزراعة مصدر دخل قوى تجذب راغبى الربح والاستثمار؟ .. كل هذا وأكثر فى مقالات عملية أن شاء الله سنسردها على صفحات انفراد، فأهمية الزراعة لوطننا تستوجب أحديثا وأزمنة، فهى البوابة العملاقة التى خلفها الخير الوفير .