تجهيز الشغل أهم من الشغل، عبارة رغم بساطتها إلا أنها تدلل على عبقرية وبلاغة الشعب المصرى الذى يقدًرها ويعرفها منذ السلف، إلا أنها لا تجد صدى عند حكومات مصر المتعاقبة، بالرغم من أن خبراء الاقتصاد يؤكدون أن التخطيط عامل هام لنجاح أى مشروع، اقتصادى كان أو تجارى .
ومن المشروعات المهمة الذى يعتبر أمن قومى وتغفل الدولة عن إعداده قبل أن يبدأ وكثيرا ما يغفل المسئولون عن متابعته وتنميته، هو العامل المصرى خارج أرض مصر.
المتابع لحال المصريين المغتربين وخصوصًا فى الدول العربية، يجد أنهم يعانون ويشعرون بالخذلان، بسبب إحساس دائم بعدم اهتمام القنصليات والسفارات المصرية بهم مقارنة بالجاليات الأخرى .
ولو تتبعنا المشاكل التى تواجه العاملين فى الخارج لوجدناها تبدأ من بداية التعاقد، فالعملية فيها شىء من العشوائية، فتكدس العمالة أمام مكاتب السفريات والسفارات الأجنبية بطريقة غير منظمة وعدم متابعة وزارة العمل هى أصل المشكلة .
سمسار ومكتب سفريات وعامل يقبل أن يقدم ما يستطيع من تنازلات فى سبيل أن يسافر خارج مصر ويكسر حاجز البطالة أو ضعف الراتب وبالطبع سماسرة لا يتوانون لحظة فى استغلال ذلك، فى ظل غياب أو ضعف إشراف الدولة .
فلا إعداد جيد للعامل أو تدريبه على المهنة التى قد تكون جديدة عليه، أو حتى تثقيفه بقوانين الدولة التى سيسافر إليها، نتيجة لذلك يجد العامل نفسه عند سفره، مضطر فى كثير من الأحيان لتقديم تنازلات أخرى حتى لا يعود سريعا من حيث أتى دون أن يحقق حلم عمره .
عندما يقارن المصرى فى الخارج حاله بحال قرنائه من الدول الأخرى والتى تكون أقل من مصر مكانة وشأنا، يجد نفسه فى وضع صعب .
على سبيل المثال دولة مثل الفلبين، رغم أن كل ما تقدمه لدول الخليج هى مهن التمريض والشغالات، إلا أنهم يجهزونهم تجهيزا جيدا، بداية من شروع العامل ورغبته فى السفر، حيث جهات حكومية متخصصة فى إعدادهم مهنيا ونفسياً و التى تقوم بالتعاقد بدلا من العامل لحفظ حقه المادى وتقوم بالمتابعة بعد سفرهم، لهذا فأبناء تلك الجاليات يشعرون بالثقة والثبات ليقينهم أن هناك من سيتحرك للحصول على حقوقهم كاملة وقت الحاجة.
ما يصل مصر من العاملين فى الخارج من عملة صعبة يمثل البند الثانى بعد الصادرات، خصوصا بعد ثورة 25 يناير وتدهور السياحة، لذا يجب على المسئولين الاهتمام بالعاملين المصريين فى الخارج وألا تكون القنصليات والسفارات هناك مجرد اسم، بل عون وتقوم وزارة العمل بالإعداد الجيد للراغبين فى السفر وتتابع المكاتب الخاصة وألا تترك الأمر للسماسرة ليتاجروا بهم وبمستقبلهم .