يأتى الآن دور الدولة فى إقناع الشباب بفكرة الزراعة، وكيف تستثمر الدولة هذه القوة البشرية الشبابية المهولة فى الإنتاج الزراعى .
للأسف صدرت لنا سينما الأربعينيات فى القرن الماضى، أن الزراعة هى "أعمال شاقة مؤبدة"، وأن الفلاح يموت وهو مُتَكئ على الفأس، بعد ما تجرع آخر نقطتين من القُلة، نتيجة لإصابته بالبلهارسيا وجاءت أشعة الشمس الحارقة لتختتم المشهد ثم تظهر كلمة "النهاية" ذات اللون الأبيض، لتأتى إعلانات القرن الحالى والتى تدعوك لشراء اللبن الصحى المُعلب وتصف لك مراحل إنتاجه، وأنك لا تستطيع أن تتبع هذه المراحل لأنك ستزرع وتُربى البقرة وترقص لها وتعزف لها الموسيقى، وأنك محظوظ لأن الشركة قامت بديلة عنك بالعزف والرقص لهذه البقرة لتنعم أنت بهذا اللبن الصحى المُعلب، فلا تُرهف نفسك .
دعونا نتفق من البداية أن الشباب يمتلكون فكرة خاطئة عن الزراعة، ولنتحدث عن الواقع لو أنزلت الدولة إعلانات تدعو فيها الشباب للزراعة، فسيكون النتائج مُخيبة للآمال .
كيف تُقنع الدولة الشباب بالزراعة ؟
بخطوات عملية لا بد وأن تمتلك الدولة قاعدة بيانات بالشباب المُتبطل، ثم تحتسب الأراضى المستصلحة للزراعة وتقسمها على عدد هؤلاء الشباب، ثم تُرسل لهم خطابات بأماكن وعناوين هذه الأراضى التى صارت ملكاً لهم وغير خاضعة للبيع إلا بعد إنتاج الشاب منها لعشر سنوات قادمة .
وليعلم الشباب أن ارتباط الزراعة بفكرة الأعمال الشاقة المؤبدة هو ارتباط عفى عليه الزمن، فالآلات الآن أصبحت توفر الأوقات والمجهود، ولك أن تعرف أيها الشاب أن فدانا من محصول القمح تستغرق مدة زراعته ستة أشهر أنت تعمل فى الستة أشهر هذه "ستة أيام" فقط، فالآلات الآن وفرت أشهر كثيرة من العمل، فلو زرع الشاب خمسة أفدنة، سيكون إجمالى عدد أيام عمله شهراً واحدا فقط، بالإضافة أنه سيكون هو مالك مشروعه، وأتوقع بأسعار اليوم دخل قدره ستون ألفا لخمسة أفدنة قمح فى ستة أشهر، سيعمل هو منها لمدة شهر واحد فقط، والخمسة أشهر الباقية سيستخدم الإنترنت بسرعات الـ4G، فوكيل وزارة الاتصالات سيعمل عدد ساعات أكثر منك، وسيتحصل على ربح أقل منك .
والسؤال كيف تبدأ الدولة بتنفيذ هذه الخطوات على أرض الواقع؟ وكيف تفتح البوابة على مصرعيها لتجد عملتها صارت تعدل الدولار؟ ومتى تبدأ فى تكوين قاعدة البيانات تلك؟ كل هذا وأكثر فى مقالات كثيرة قادمة حول بوابة الاقتصاد المصرية الكبرى وهى "الزراع.