لا شك فى أن نجاح أى عمل سياسى أو خدمى يتطلب تنفيذا تكاتف جهات مختلفة، لا شك أن نجاحه يتوقف على مدى انسجام وتناغم وتنسيق كل الجهود مقبل الجهات المتشاركة بل ويستلزم تحقيق هذا النجاح توحيد السياسة التنفيذية وتنسيق الاستراتيجية المتبعة فى العمل .
ومن هذا المنطلق فإنه لا يخفى أن دور الحكومة المصرية كجهة تنفيذية أن تنسق وترتب جهودها مع كل الجهات والسلطات المشاركة لها فى العمل الخدمى والدور المجتمعى، ومن أولى هذه الجهات مجلس النواب بما يمثله من سلطة لها دور تشريعى ورقابى على عمل الحكومة .
بيد أن أداء الحكومة فى الفترة الماضية وفى خضم هذا الوضع العاصف فى حياة الأمة المصرية، أداء باهت متردد يشوبه العشوائية وعدم الاتساق الاستراتيجى بين الوزارات المختلفة وبين مكونات الحكومة نفسها .
ولا أدل على ذلك من عدم تجاوب الحكومة مع الكثير من القضايا المجتمعية والمطالب الأهلية سواء أكانت يسلط عليها الضوء نيابياً أو إعلامياً، بل أصبح الجميع عبارة عن مجموعات تصيح فى أودية متباعدة لا يصل صوتها أو نبضها إلى صناع القرار أو متخذيه .
ولقد كان هذا لسان حال مداخلة برلمانية من نائب دائرة المنشاة محافظة سوهاج النائب فيصل محمد على الشيبانى يوم 13-11-2016، والذى لخص فى مجمل مداخلته الكثير من نواقص وآفات الأداء الحكومى وكان ذو حس قادر على نفض الغبار عن كثير من العلاقة الفاترة بين الحكومة ومجلس النواب .
تحدث فيها عن مستوى المهنية فى تعامل الحكومة مع أزمة السيول وكيف كان الأداء الحكومى متأخر فى كثير من الجوانب وكان لا يعدو أن يكون مجرد رد فعل إغاثى محدود الأثر والفاعلية، ولقد كان صادقاً فى حديثه عن أهمية اتخاذ التدابير الوقائية والإجراءات الاستباقية لمواجهة المستجدات ومن ضمنها قضية سيول وخصوصا مع دخولنا على فصل الشتاء وتقلباته المناخية .
عرج النائب الموقر فى كلمته إلى جانب مهم يثبت فيه أن الحكومة المصرية بأدائها الرتيب وتفاعلها المتردد غير القادر على اتخاذ القرار، تثير موجات غبار الانتقاد على جميع مكونات السلطة المصرية سواء الرئاسة أو السلطة التنفيذية ممثله فى الحكومة ومجلس المحافظين أو حتى السلطة التشريعية ممثلة فى مجلس النواب، حيث أن مثل هذا الأداء المهترئ من الحكومة جعل سهام النقد لا تستثنى أحداً ولا ترحم مكونا، حيث إن المواطن المصرى يضع كل مكونات السلطة فى مرمى سهام انتقاده وأنينه وشكواه، وهو له كامل العذر، حيث يرى كل همومه ومطالبه متوقف بل ومعطله ولا يعرف من المتسبب فيها !
تحدث النائب عن مشكلة تورق مضاجع كل أبناء مركز المنشاة ألا وهى مستشفى المنشاة العام وبمعنى أدق الهياكل الخرسانية التى يطلق عليها من باب الاشاعات المغرضة مستشفى المنشاة العام!!
هذه المشكلة التى تفوق فى تعقيدها قضية الصراع العربى الإسرائيلى، تداخل فيها الكثير من النواب بالمطالب والمناشدات وارتفعت أنات كل أهل المنشاة ولكن دون جدوى أو فائدة، وفى لحظة ما وبعد تسليط الضوء عليها من قبل برنامج تليفزيونى هبطت كل أجهزة الدولة الرقابية وتداعت إلى المستشفى تبحث وتفتش عن المخالفات والتجاوزات وكان الحكومة ممثلة فى محافظ الإقليم قد استيقظت من نومها على كابوس يسمى مستشفى المنشاة وهى لا تدرى عنه شيء !!!
من باب العجب المحزن أن كلمات لدقائق من إعلامى تجد طريقها إلى أذان الحكومة أسرع وأنجع من سنوات الألم وسيول الدموع التى عاشها وزرفها الألاف من مواطنى مركز المنشاة !!!!
حقيقةً أن المضحك المبكى فى هذا الموقف هو أن يصبح صاحب دقائق على أثير بث فضائى عن بُعد أقوى من سلطة تشريعية ومن مناشدات أصحاب المصلحة الأصيلة وهو المواطن، وهذا عن دل فإنما يدل على اهتزاز الأداء الحكومى وخوفه الكبير من بقع الضوء وخشيته من تسليطه على أى قضية أو مشكلة وسعيه الدائم نحو إبقاء المشكلات بعيداً عن الإعلام والعلن وما دامت القضية بعيدة عن العلم العام فهى قضية مهملة مهما بلغت خطورتها أو درجة إلحاحها، أما إذا طفت على صفحة نهر الإعلام أياً كانت روافده مقروء أو مسموع أو مرئى فإن القضية تتحول لقضية أمن قومى وقضية دولة !!!
وأنا كمواطن لا أعفى النواب من المسئولية فعليهم جميعاً أن يعلموا أن تقديم طلب روتينى لقضية جماهيرية ما هو إلا كتابة شهادة وفاة للقضية وتشييع لجنازة المشكلة لكى تدفن فى مقابر جماعية تسمى ادراج المكاتب الحكومية، وعلى النواب أن يجدوا وسيلة أخرى لتدبير طريق لهذه المطالبات بعيداً عن متاهات الروتين الحكومى، كما أن مجلس النواب بقراره بسرية الجلسات قد أدخل نفسه ونوابه فى كهوف النقد ومغارات الانتقاد، لذا فقد تاه لدينا الجانى وأصبح الجميع موضع اتهام ونقد.
لذا سأبقى كمواطن أطلق سهامى فى كل الاتجاهات ما دمت أعيش فى ظلام عدم المعرفة وضباب إخفاء الحقيقة وسأظل ألقى تبعات مشاكلى وهمومى على كل اكتاف السلطة المصرية .