تفاجئنا وتدهشنا شاشات التلفاز فى تلك الأيام ومواقع الصحف الكبرى، بأبطال وثوار، يدعون النضال والوطنية، وهم فى حقيقتهم مجرد أحبار، أحبار فى أقلام جفت الصحف التى تكتب عليها، وتناثرت منها عبير المصداقية، يطالعوننا تارة بأنهم ضد الفساد والاستبداد، وتارة أخرى بأنهم اكتشفوا ظلما أحاط بالعباد، فما نلبث لنصدقهم حتى نجدهم غارقون فى الفساد، ويتفننون فى إيجاد التبريرات للسلطة.
كما يتظاهرون ويطلق على البعض منهم مصطلح النخبة، التى تملك طوق النجاة فى شتى المجالات، وأعتقد أنهم فى الواقع لا يملكون إلا شيئا واحدا وهو الخصاء السياسى والفكرى والقيمى، نعم هم كذلك فهذا أمر لا يخفى على طفل يطالع حديث مواقع السوشيال ميديا، حتى يجد كما هائلا من النفاق والتناقضات، لهؤلاء الثوار والأبطال من ورق، وإن بحثنا عن شريف ثبت على قيمه ومبادئه، قلما نجد هذا الشخص، وإن وجدناه نجده رث الثياب من (البالة) تراه يركب سيارة أشبه فى ثمنها بحماره، وكأنه يقف فى ميدان حرب العدو فيه ممسكا بيده سلاحاً وهو أعمى وأصم وأبكم، والإصابات والطعنات تنهال عليه من كل جانب.
وإن نظرنا للجانب الأخر، نجد هؤلاء الثوار من ورق يطالبون ويتحدثون عن الفقراء، ويطالبون دوما لهم برفع العناء والغلاء، ويبتكرون المبادرات والحوارات، وتصيبك الدهشة والذهول، وتطرح نفسك العديد من التساؤلات، حينما ترى هؤلاء يركبون أفخم السيارات، ويرتدون الملابس الماركات، ويتقاضون شهرياً أعلى المرتبات وبالدولارات، ويسكنون فى قصور بكمبوندات، تاركين الفقراء غارقين فى الاﻵم والآهات، وحينما تستغيث بهم فيما يبهروننا به دوماً من شعارات، تجدهم يروغون منك كما يروغ الثعلب، حيث انتهت غايتهم بالوصول على جماجم الفقراء.