للمنبر آداب وقواعد حاكمة يجب على كل من يعتليه أن يلتزم بها ولا يحيد عنها قيد أنملة، تلك الآداب والقواعد الحاكمة ليست من باب الفرض الشرعى فقط وإنما من باب الأدب والتأدب مع صاحب المقام الشريف وربه تعالى.
أنت إذا ما اعتليت المنبر وجب عليك صون المقام والمقال والعلم جيدًا أن زلة فى هذا الموضع عدا الزلات الأخرى فى أى موضع آخر كان. هذا ما ينادى به علماؤنا الأفاضل وشيوخنا الأجلاء فلطالما طالبوا بتجديد الخطاب الدينى وتنقيحه. وفى هذا الإطار أشير إلى عنصرين مهمين أرى أنهما يحددان صلاحية الداعية فالالتزام بهما هو التزام بصحيح الطريق فى الدعوة إلى الله تعالى أولهما آداب المقام وثانيهما آداب المقال.
أولهما: أدب المقام
المنبر هو مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ولمن يعتلى هذا المقام وجب عليه أن يتأدب ويلتزم بقواعد تصون هذا المقام وتعكس مدى الاحترام لصاحب المقام الشريف نوجزها فيما يلى:
1-المظهر الحسن، عليك سيدى الداعية أن تلتزم بثوب حسن ومظهر حسن فهذا ما شدد عليه نبى الله تعالى وهذا ما كانت عليه هيئته.
2-إخلاص النية، يجب أن تكون نيتك خالصة لوجه الله تعالى وألا تنصرف نيتك عن ذلك مهما أثنى عليك الناس فما عند الله خير وأبقى.
3-وفرة العلم، إذا كنت لا تقف على قدمين ثابتتين من العلم واليقين بما تعلم بل والعمل بما تعلم فحرى بك ألا تتحمل مثل هذه المسئولية.
4-عدم رفع الصوت فى غير موضعه ويجب أن يكون الصوت متناسبًا مع وضوحه وعدم المبالغة فى الانفعالات التى تنفر المصلين وتثير حفيظتهم.
5-لا تكن بين الناس مذمومًا، احرص بين الناس على السلوك السوى الذى لا يشوبه شائبة فإن من أهم ما يحبط ثوابك فى هذا المقام هو أن تعتليه وبينك وبين الناس بغضاء أو ضغناء.
ثانيهما: آداب المقال
للمقال آداب كما للمقام يجب على الداعية أن يحترمها ويضعها نصب عينيه إذا ما أراد أن يتميز ويسهل على المتلقى الفهم نوجزها فيما يلى:
1-عليك أن تتخير من حديث رسول الله ما صح عنه فلقد نهى وحذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الافتراء عليه فمن كذب عليه متعمدًا فليتبوء مقعده من النار.
2-عليك ألا تطيل فرسول الله أمر أن نخفف على الناس فى خطبة الجمعة فإن منهم الضعيف والمريض وذا الحاجة.
3-استخدم لغة البساطه وحداثة الخطاب بما يتناسب مع جموع الحاضرين وخاطبهم فى مشكلاتهم المعاصرة وأرهم رأى الدين فيها.
4-لا تثير الفتن ولا تتحدث فى أمور اختلف فيها العلماء دون أن تبرز آرائهم فلا تضعف البسطاء فى عقيدتهم بدلا من أن تقويها وتثبتها.
5-لا تلمح من بعيد أو قريب عن مشكلة جاءتك فحكمت بها لأن ذلك يثير نفس من جائك مستجيرًا بعلمك وحكمك بدين الله فى أزمته.
6-لا تستخدم لغه الإطناب والإعادة فان الناس تنفر من ذلك أوجز وقل ما تود قوله مرة واحدة وتطرق إلى غيره من الأمور.
اعلم أخى العزيز أن الخطاب الإسلامى مسئولية على عاتقك فاقسط دون إفراط أو تفريط ولا تداهن أو تجحف فى حق الاخر وقل القول تقصد به وجه الله تعالى وابن الطريق للمسلمين فى ضوء دينهم لا فى ضى عينيك أو كما تراه مقلتك أنت ناقل ولست مشرع فى حدود ذلك تحرك نسأل الله أن يجدد لنا الدين بخطباء عظماء يرشدونا سواء السبيل.