من رسائل السيسى إلى العالم فى خطابه بالاحتفال بالمولد النبوى الشريف هذه العبارة (من يستطيع محاربة الله يستطيع محاربة مصر)، ولكى يفهمها البعض قد تحتاج إلى صفحات، إضافة إلى تذوق السالكين إلى الله، واسمحوا لى أن أوضح المعنى كما فهمته فى سطور حتى نفهم معا ما أراده السيسى فهما صحيحا.
قال تعالى فى كتابه الكريم فى سورة يوسف: (وَقَالَ الَّذِى اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِى مَثْوَاهُ عَسَى أن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِى الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ (يوسف: 21 )، ثم قال بعد ذلك على لسان نبيه يوسف عليه السلام: (فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إن شَاء اللّهُ آمِنِينَ) (يوسف: 99 )، ففى الآية الأولى نستشف كرم المصرى القديم والذى يورث جينيا من جيل إلى جيل لتظل مصر كريمة مع خلق الله جميعا، وهى صفة يحبها الله تجعل المتمسكين بها قريبين من الله جل فى علاه، وفى الآية الثانية نستشف تعهد الله سبحانه وتعالى بحفظ أمن مصر إلى أن تقوم الساعة.
وأيضا فصفة منح الأمن والأمان لكل خلق الله على اختلاف أجناسهم وأديانهم ومذاهبهم وألوانهم على أرضها، صفة يحبها الله ويقف إلى جوار من يتصف بها هذا إلى جانب احتضان مصر لأكبر ديانتين سماويتين فى العالم أجمع، المسيحية والإسلام، فهى ترعى من خلال أزهرها الشريف الإسلام الوسطى الذى يريده الله من المسلمين، وترعى المسيحية من خلال البطريركية المرقصية من خلال قداسة بباواتها الذين يضطلعون بنشر الحب والسلام فى ربوع العالم.
وبلد كهذه تحتضن الأديان الثلاثة، وتتقرب إلى الله بإكرام ضيوفها والقاطنين فيها، وتوفير الأمن والأمان للبشر جميعا، وهى صفات إيمانية تبرز ما تحمله قلوب أبنائها من حب الله الذى يبادل عباده حبا بحب حتى يكون يدهم التى يبطشون بها وأرجلهم التى يمشون بها وسمعهم الذى يسمعون به وبصرهم الذى يرون به.
وهكذا يرى سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى مصر متمثلة فى أبنائها، فالله قريب من مصر فهو سبحانه وتعالى يدها التى تبطش بها، فمن أراد أن يحارب مصر إذن فليحارب الله، ثم من هؤلاء الذين يريدون محاربة مصر، إنهم أعداء الله بزى إسلامى، فمن يقتل الجنود الذين يحمون المصلين يوم الجمعة الماضى أمام مسجد السلام بالهرم ومن يفجر بيتا من بيوت الله كالكنيسة البطرسية بالعباسية ويقتل المصلين فيها بهذه البشاعة، كما حدث صباح الأحد الماضى، إنما يحارب الله الذى يقول فى قرآنه: (مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إن كَثِيراً مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِى الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ ) (المائدة: 32 ) والله سبحانه غالب على أمره وسوف يحيق المكر السيئ بأهله والأيام قادمة وسيعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم متنبئا بهلاك كل من يريد بمصر سوءا: "مصر كنانة الله فى أرضه من أرادها بسوء قصمه الله ."