كثيرون من الذين يقعون ضحايا لجرائـم النصب والاحتيـال، يكتشفون فى النهاية أنهم تنطبق عليهم مقولة "القانون لا يحمى المُغفلين"، وينتقدون هذه الجملة، ويشعرون أن القانون فى هذه الحالة لا يُسبغ مظلته عليهم، وأنهم قد ضاع حقهم أبد الدهر، وبالقطع قد يكون معهم بعض الحق فى هذا الشعور؛ لأن المنطقى أن يكون ضحية النصابين والأفاقين، لا بد وأن يكون من المُغفلين وإلا ما كان أصبح ضحيـة، ولكن أليس من المنطق أن يحاول الإنسان إعمال العقل قبل الإتيان بأى تصرف، قد ينال منه أو يُؤذيـه، فللأسف، انبهار الإنسان بأى كلمة أو فعل يصدر من الغير يكن فيهما مجرد أمل فى تحقيق أحلامـه، تجعله يهرول بدون تعقل؛ أملا فى الوصول لأهدافه، دون أن يحسب، هل التصرفات التى يأتيها تحتمل المنطق والعقل أم لا، والواقـع أن قصة المقولة السابقة هى أكبر دليل على الأخطاء التى يقع فيها الكثيرون؛ بسبب رغبتهم فى تحقيق أحلامهم بأسهل الطرق وأسرعها.
فهذه القصة تحكى أنه كان يُوجد رجل يعيش فى الولايات المتحدة الأمريكية، وقد كان فقيرًا جدًا لدرجة أن حالته يُرْثَى لها من شدة الفقر، وفى أحد الأيام خطرت بباله فكرة، ولكن لم تكن فكرة عادية، بل كانت فكرة مِلؤها الدهاء والمكر، والتى من شأنها أن تُغير حياته وتقلبها رأسًا على عقب، فقد قرر أن ينشر فى الصحف الأمريكية إعلانًا جاء فيه: "إن أردت أن تكون ثريًا فأرسل دولارًا واحدًا فقط إلى صندوق البريد رقم ...، وسوف تكون ثريًا"، فبدأ الملايين من الناس الطامحين بالثراء يتوافدون ويرسلون دولارًا واحدًا إلى صندوق البريد، فما هى إلا أيام، وحصد الملايين والملايين، ثم وضع إعلانًا آخر بعد حصوله على الملايين، فكتب عنوان: "هكذا تصبح ثريًا"، وكتب طريقته التى اتبعها، وطلب من الناس أن يُقلدوه، وبعد الإعلان، قام الناس برفع القضايا عليه فى المحاكم، ولكن كان رد المحكمة عليهم فيه نوع من الاستهزاء من خلال المقولة الشهيرة التى تُنصف ذلك الرجل صاحب العقلية الفذة.
والواقع أن الأحلام التى نتمنى تحقيقها بوسائل غير عقلانية وتفتقد إلى المنطق، بديهى أن تصل بنا إلى أن نُصبح نحن المغفلين الذين لا يحميهم القانون، وفى هذه الحالة لا نلوم إلا أنفسنا.