جمال رشدى يكتب: القضاء على ثقافة الفساد هو الحل

فترة من أسوأ حلقات التاريخ المصرى هى تلك التى مرت على مصر خلال الخمسين سنة الماضية. قوة مصر خلال مراحل تاريخها يكمن فى الموروث الثقافى والحضارى الذى تحطمت على قارعة طريقه جميع المخاطر المتنوعة التى تعرضت لها عبر كل تاريخها.فلم تستطيع جيوش مصحوبة بثقافات متنوعة ان تؤثر فى فلكلور الشخصية المصرية. بل العكس هو الصحيح انصهرت جميع الثقافات الدخيلة داخل بوتقة الموروث الثقافى المصرى. وتلك أحد الأسباب التى جعلت مصر أحد الدول القلائل فى العالم التى ما زالت ملامحها الجغرافية والثقافية قائمة من فجر التاريخ دون تغير.. وفى عمر الدولة عبر الخمسون سنة الأخيرة حدث للشخصية المصرية ما عجزت ان تفعله الجيوش وثقافتها الغازية.. وهو تجريف وتجويف مكونات الفلكلور الثقافى القائم على السلوكيات المرتبط بالمبادئ والقيم. الأمانة والصدق والإخلاص والقناعة.كانت مكون من مكونات ذلك الفلكلور. ناهيك عن قيم التعاملات من احترام وتقدير وأخلاق وأدب. كل ذلك حدث له انحلال. هنا يجتهد الجميع فى تشخيص الأسباب ودراستها.وانا اقول لكم لقد علمنى والدى منذ عشرات السنوات وانا معه فى الحقل عندما اريد ان اخذ احد ثمار حقل جارنا لكى اكلها لابد ان استأذن منه اولا. وربما تكون تلك الثمار حبة طماطم. علمنى والدى حين اجد مالا مفقودا أو احد الاشياء ان ابحث عن صاحبها وان لم أجده أضع تلك الأشياء فى المسجد أو الكنيسة. علمنى والدى أن أحترم كل من هو كبير عنى فى السن فلا أجلس فى مجلس واضع قدم فوق قدم امام الحاضرين أو اقاطع من هو اكبر منى فى الحديث أو حتى أدخن سيجارة امام من هم اكبر منى فى الأسرة أو العائلة. علمنى والدى ان أكون أمينا فى القليل حتى يقيمنى الله على الكثير.. كل هذا الذى علمنى إياه والدى ورثه عن جدى وجدى ورثه عن أجداده. وجاء عصر الرئيس الأسبق حسنى مبارك. ويختفى ما علموه إياى ابى وجدى واجدادى ويحل مكانهم الفساد بكل دوافعه من نفاق وانتهازية ومحسوبية وتصلف وضجيج ونهيق. فأصبح الاخلاق والأدب. سذاجة طيبة زائدة فى نظر ثقافة مدير المشتريات بمجلس الدولة الذى ضبط بالرشوة قبل ايام.. وأصبح الصدق والامانة رجعية.ظهر المسطحون واعتلوا المشهد واختفى الفالحون وانزووا عن سفالة المشهد.. ضجيج عويل ثرثرة. اختلط الحابل بالنابل.... الفساد ليس واقعة رشوة كالتى ضبط فيها مدير المشتريات بمجلس الدولة فقط. الفساد أسلوب حياة سقط فيها المصريون. فيا أيها المواطن نظف كأس ضميرك الداخلى أولا من ملوثات ثقافة دخيلة على من تعلمته من أجدادك حتى تطلب من الحكومة أن تحارب الفساد.. الفساد يكمن فى بيتك. أسرتك. حارتك. قريتك. مدينتك. عملك.... الفساد هو أنت وأنا. الفساد هو فى طعامى وشرابى.. كلنا فاسدون ومرتشون. ليس بالمال فقط. بل أيضا بالأخلاق.. اعدم هذا الفاسد الذى يسكن فى بيتك وضميرك وفى عملك وطريقك والذى أعدم ثقافتك التى ورثتها عن أباك وأجداد وجعلك اسيرا لثقافته. هنا سوف تحارب معكم السماء قبل النظام الفساد.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;