سُمع صوت صرير عجلات سيارة تزحف على الأرض بسرعة رهيبة بتأثير الضغط فجأة على المكابح "الفرامل"، الوقت كانت تقريبا منتصف النهار، والشارع يخلو من المارة تقريبا، فهو شارع مواز لا تسير فيه المشاة كثيرا، ومتسع بعض الشىء بما لا يسمح بالحوادث أن تقع.
أسرعت مع بعض المارة إلى قائد السيارة، لنجدته، فوجدناه يتصبب عرقا وعلى وجهه أمارات الفزع الرهيب، سألناه أن يلتقط أنفاسه ويحكى لنا ما حدث إن أراد، فلم يستمع لنا وخرج من سيارته يلف حولها كمن يبحث عن شيء ضاع منه، اللهفة والفزع فى عينيه مما يحيّر المرء، لم يتحدث إلينا إلى بعد أن هدأ روعه، وأخبرنا أن هدوء الشارع واتساعه، أغراه أن يطلق العنان لسيارته الملاكى الحديثة، فزاد من سرعته حتى وصل لهذا المكان بمنتصف الشارع تقريبا وإذا بالأرض تنشق عن فتاة صغيرة دون الرابعة من العمر وبيدها عروسة لعبة ترتدى فستان أبيض، فجأة ظهرت له دون أن يدرى من أن أتت، لم يملك إلاّ أن يضغط على فرامل السيارة بكل ما أوتى من قوة حتى أحدثت عجلاتها صريرا سُمع بالشوارع الجانبية.
استمعنا له منصتين، وعقولنا تزن كل كلمه يقولها، بعضنا كان شاهدا وقت مرور السيارة وأكد عدم وجود أى فتاة بالمواصفات التى ذكرها ولم يعبر أحد الشارع، وقد سرت أحاديث جانبية عن احتمال معاقرة قائد السيارة للمخدرات أو الخمور وأن عقله ربما هيّأ له ما رآه، المهم أننا وقفنا معه حتى تمالك نفسه وركب سيارته وذهب إلى حال سبيله، وقفت برهة أتأمل العلامات السوداء التى تركتها إطارات السيارة على " أسفلت " الطريق، ودققت النظر جيدا فرأيت " عروسة " لعبة صغيرة، برداء أبيض اختلط بياضه بسواد أسفلت الطريق، ملقاة على الأرض. حملتها بيدى وانصرفت.