لا أريد أن أكون قاسياً على حبيبى وطنى وأقول: إن التأخير فى تنمية سيناء كان خطأ فادحاً دفعنا ثمنه غالياً مالاً وأرواحاً وضيق ذات اليد الذى أثر على كل جوانب حياتنا .
ولكن الخطأ الأكثر فداحة أن يظل الخطأ الأول قائماً ولم يتم التعامل معه إلا بمسكنات الكلمات التى هى مراهم ظاهرية مظهرية وليست علاجاً.
قبل خمسة وخمسين عاما كتب ابن سيناء العالم الجيولوجى الفذ درويش الفار أن سيناء كنز عظيم لمصر يحتوى على ثروات بمليارات الجنيهات . وحدد فى بحث طويل تلك الثروات وأهميتها وأماكن وجودها وحجمها وكمياتها وعمرها الإنتاجى الزمنى وأهمية استثمارها ومقدار عائدها الهائل على الوطن. هذا عن الثروات الطبيعية المخبوءة بين أحضانها فى وديانها وسهولها وجبالها وشواطئها . وأدارى وجه قلمى خجلاً وهو يكتب : للأسف أن العدو الإسرائيلى اثناء احتلالها كسب من ورائها المليارات، وأنه كان يصدر منها للعالم ثروات معدنية ومنتجات زراعية وهى المنطقة التى كنا لا نعرف عنها إلا أنها: صحراء سيناء". بل وأدخل العديد من أساليب الزراعة والرى الحديثة التى جعلت الصحراء واحة غناء ومصدر خير ونماء.
والأمر المحزن إلى حد الألم أن حكوماتنا المتعاقبة كانت تعلم ذلك تماماً وحدث أن شمرت عن ساعديها وأعلنت تبنيها خططاً على الورق لتنمية سيناء .. حتى أن طابعاً بريدياً أصدرته هيئة البريد يسجل هذه النية الطيبة عام 1966 قيمته عشرة مليمات !! ايام طيب الذكر المليم الذى رغم اختفائه من السوق ومن الذاكرة إلا أنه سيبقى مثلاً نموذجياً لقيمة الأسعار زمان.
قبل واحد وخمسين عاماً كان تذكار تنمية سيناء بعشرة مليمات.. ترى فى ذلك الوقت وبالقياس كم كانت تكلفة تنمية سيناء فى ظل معنى هذا التذكار؟!.
وحتى نكون عمليين يجب أن نضع فى اعتبارنا الفارق فى حجم التكلفة زمان والآن .. وحجم الخسائر التى تعرض لها اقتصادنا الوطنى نتيجة إهمال كنز سيناء. والكلام لك ياجارة : لجنة محلب المكلفة بدراسة تنمية سيناء.