لا ينكر منصف أن معرض القاهرة الدولى للكتاب يشغل بال مثقفى ومفكرى وأدباء وكتاب مصر ولا يمكن تجاهله أو غض الطرف عنه ولا سيما فى تلك الدورة التى اختير فيها الشاعر الراحل صلاح عبد الصبور ليكون شخصية معرض القاهرة الدولى للكتاب 2017، والذى بدأت دورته الـ48 يوم 26 يناير الماضى وتستمر حتى 10 فبراير الجارى، تحت شعار "الشباب وثقافة المستقبل"، بمشاركة 35 دولة، من بينها 22 عربية وأفريقية .
ويشارك فى هذه الدورة 850 ناشرا، منهم 250 عربيا و550 مصريا. وتم اختيار المملكة المغربية لتكون ضيفة الشرف هذا العام، حيث تشارك المغرب فى معرض الكتاب 2017 بفعاليات ثقافية مميزة وأمسيات شعرية وعروض فنية وأفلام وثائقية عن تاريخ المغرب.
وحق لنا أن نحلل مع الزيارات المتعددة وحضور الندوات والأمسيات الأدبية والفكرية، وما تؤكده المرائى والشواهد، وأن نضع بعض الملاحظات وطرح بعض التساؤلات ومنها: كثرة الروايات الصادرة فى الفترة الأخيرة وما دلاتها.. وهل هذا دليل قاطع على انتعاش وازدهار حركة التأليف والإبداع والمبدعين، أم هى موضة وصرعة يتسارع عليه كل من يجد حبرا فى قلمه، أو من يجلس أمام "الكيبورد" ويريد أن يعبر عن نفسه أو يتواجد فى زمرة الكتاب الواعدين أو الصاعدين. هل ليس هناك رابط أو حاكم، وقواعد وأسس لدور النشر، وما هى الشروط المتوافق عليها لكى يتم النشر وهل هناك لجان لتقيم الأعمال قبل نشرها على أية حال .
هناك كثير من الأعمال المترجمة وعليها إقبال كبير من أوساط معينة من الشباب وأصبح لها مكان لدى القارئ المصرى وهذا يطرح السؤال الأهم هل هذا وضع صحيح أم سمة تخبط فى طرح الأولويات وفرز الضروريات؟
بالرغم ما يصوره الإعلام من حضور هائل والتوافد الكثير من جنبات مصر حاجين معرض الكتاب إلا أنى أرى الحضور فى الغالب قليل، هناك قلة بالنسبة لعدد السكان وطلبة الجامعة والمراحل الدراسية المختلفة.
مما لا ريب فيه أن القراءة تجعلك تحلق نحو أفاق لم نكن نعرفها من قبل. لذلك قد نتساءل من جديد مع معرض الكتاب "الثقافة والتطلع للأفضل" وأيضا بعد مرورنا ببعض الندوات وحضورنا بعض المناقشات. هل صرنا نتكلم أكثر مما نسمع؟ وهل أصبحنا نكتب أكثر مما نقرأ، وهل نحن على استعداد طرح أسلة جديدة فحياتنا؟ وهل يمكن القول دون تعميم؟ هل لدينا الشجاعة على "نقد وانتقاد الذات؟" هل هناك أجوبة، أم ملننا من المواجهة والمحاسبة….الخ
تحضرنى الآن مقولة الكاتب المغربى محمد شكرى "صاحب الخبز" : لم تكن لدينا مرآة فى الدار، لأن لا أحد كان يريد أن يرى وجهه فيها. أما حينما يتحدث العملاق يوسف إدريس فى كتابه الشهير ” أهمية أن نتثقف ياناس” كان ثاقب النظر محقا فيما قال بالرغم من سنوات عدة مرت على هذا الكتاب. وأيضا شاعرنا الكبير نزار قبانى عندما كان يرثى عميد الأدب العربى طه حسين ” عد إلينا.. فإن ما يكتب اليوم صغير الرؤى صغير المعاني”
أخيرا أختتم قبل أن أغادر صالات المعرض .أحبائى القراء لقد أورد ” سارامجو” الكاتب البرتغالى الحائز على جائزة نوبل للآداب. ” بعض الناس يمضون كل حياتهم وهم يقرأون ولكنهم فى قراءتهم لا يتجاوزون تلك الكلمات الموجودة على الصفحات.. إذ إنهم ربما لا يفهمون أو لا يدركون أن تلك الكلمات مجرد أحجار وضعت بعرض نهر سريع الجريان.. وأن سبب وجودها هناك أن يكون فى امكاننا المشى عليها والوصول إلى الشط الأبعد” أى الجانب الآخر الذى يجب أن يعنينا.