لا بأس، اقترب من الشعر قليلا ثم اذهب إلى النثر، فالأجناس الأدبية فى لغة العرب كثيرة ومتعددة كالزهور فى حديقة غناء؛ فلا ضير أن أذهب إلى علماء الإغريق وفلاسفتهم حيث سقراط وأفلاطون وأرسطو ثم أعرج قليلا حيث فلاسفة العرب وعلمائهم مثل ابن سيناء وبن رشد والفارابى!!
ولا أنسى فراعنة مصر العظماء بناة الأهرام خوفو وخفرع ومنقرع .أتسلق أحجار الهرم الأكبر حتى أصل إلى ثغرة ينفذ منها الناس إلى جوف الهرم فأجد الممر الطويل المظلم الذى يخيل إليك أنه يقودك إلى نهاية الكون، لا ألج هذا النفق المظلم وأعود وأتدحرج إلى حيث أتيت عبر صخور الهرم الضخمة التى لم يصل أحد إلى الآن لجواب شافى كيف رفعت هذه الأحجار الضخمة، وكيف نقلت، حيث لا وسائل حديثة كما فى عصرنا مجرد تكهنات.
نترك كل هذا ونعود إلى ريفنا المصرى حيث الأصل فى كل شىء، النورج والساقية والشادوف والمحراث أدوات الفلاح المصرى الذى توارثها عبر الأجيال المتعاقبة، وإن كانت قد انقرضت الآن أو فى سبيلها إلى الانقراض أمام غزو الحضارة الحديثة.
فقد كان الفلاح المصرى إذا أراد أن يروى أرضه يستخدم الشادوف، وهو عبارة عن قائم من خشب الأشجار فى مؤخرته ثقل من طين أو حجر يتدلى منه دلو من الجلد يرتكز على قائم آخر يغترف به ماء النهر الذى يسرى بدوره فى مجرى يسمونه جدول إلى حيث الأرض العطشى !
لا يكل ولا يمل هذا الفلاح من الجهد المضنى !! ورغم ذلك يغنى بما يشبه حداء الإبل فى قوافل الصحراء .
أهازيج قد تفهم معناها أحيانا وأحيانا لا تفهم وإنما هى أنغام يخفف بها الفلاح عما يناله من جهد، ثم يخلد إلى الراحة وتناول الطعام مخرجا كسرة خبز من منديل له يغمس أجزائها فى وعاء به مش قديم، ثم يتناول بعد ذلك ثمرات من البلح الجاف وينحنى على جدول الماء يرتوى ثم يخلد إلى النوم فى ظل شجرة الجميز العتيقة!!!