أينما سار أو ذهب، كان معه، وراءه أو أمامه أو خلفه أو بجواره، كنّا نراه كظل له أو أكثر، فلم نر ظلا يتّبع صاحبه هكذا، لذلك من الناس من بيننا من غبط صاحبنا وحسده على هذه النعمة رغبة فى مثلها وآخرون تمنّوا زوالها حقدا وغلّا . وكنّا نرى صاحبنا مثلا يُحتذى به .
حتى يوم نشب خلاف بينهما، على ندرة ما بينهما من مشاحنات كباقى الناس، لكن استمر حتى وصل لدرجة القطيعة والخصومة دونما سبب معروف، وكما تلازما، تم الهجران بينهما، فأصبح شائعا ومألوفا أن نرى الأصل والظل متنافران كل فى طريق.
ورغم حزننا على ما صار إليه حالهما، إلاّ أننا لمحنا شبح ابتسامة خفيفة على وجه صاحبنا وكأنما تحرر من قيد يكبّل يديه و قدميه، فكّنا نراه يمشى متراقصا كلما خلا بنفسه بعيدا عن الناس وقد سمعه البعض كثيرا يترنم بأغنية مرحة، بينما انزوى الظل وحيدا حيث ينتمى لعتمة المساء .