أسئلة كثيرة تتابعت فى رأسى وتلاحقت حتى كدت أفقد السيطرة على تركيزى، فقد أجهدت نفسى بحثًا عن إجابات مقنعة لتلك الأسئلة المتوالية التى تشبه أمواج البحر الهائج، ولو أننى أمتلك الشجاعة الأدبية الكافية لأصرح لكم بما دار من حوار بينى وبين نفسى لفعلتها، ولولا أننى خشيت أن يتم تأويل كلامى وإخراجه من معناه وما قصدت قوله لفعلتها أيضًا، ولكننى سأحاول أن أبسط واختصر كل تلك الأفكار.
كانت هذه بعض الأسئلة الملحة التى أرقتنى كثيرًا، هل نستحق لقب مسلمين؟، وهل القرآن تنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لنكون (نحن!) ورثة هذا الدين العظيم؟، وهل لو خرج علينا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الآن سيعرفنا بحسب المواصفات التى بثها وتركها فينا؟.
هل لو عاد الآن سيدنا عيسى عليه السلام ليقتل المسيح الدجال سيجد "مسيخ دجال واحد" وامتلأت الأرض بالظالمين والكاذبين؟ وهل سيجد من الموحدين والطيبين والصادقين العدد الكافى لكى يذهب بهم إلى جنة عرضها السماوات والأرض؟
بالتأكيد هناك الكثير والكثير من الأسئلة التى جالت بخاطرى وأنا أراقب عن كثب حال الأمة وما وصلنا إليه من حال مزرٍ على جميع الأصعدة، فلا اتباع انتهجنا ولا بأخلاق تمسكنا ولا بعدالة تركت فينا تساوينا وتوحدنا، بل إننا أصبحنا نطعن فى (الغرب الكافر) ونقول فيه ما فى الخمر فى الوقت الذى يتعامل هو بروح الإسلام تاركًا لنا الملهيات من تنافس قذر على الدنيا والسلطة ليظلم بعضنا بعضًا ويقتل بعضنا بعضًا دون اكتراث لدين من المفروض أنه دين السلام والأخلاق، بل أننا قد نستغل الدين نفسه للبحث عن السلطة ونقتل بعضنا بعضًا باسم الدين فمثلاً فى الصين والهند هناك مئات الأديان والآلهة والكتب، ولكنهم يعيشوا فى سلام وتناغم، أما نحن فنعبد إله واحد ورسولنا واحد وكتابنا واحد ورغم ذلك كما قال أحد زعماء الغرب تمتلئ شوارعنا بلون الدم من تقاتل وتناحر.
يقول رسولنا الكريم إن صح عنه (أنا جد كل تقى ولو كان عبدًا حبشيًا، وبريء من كل شقى ولو كان حرًا قرشيًا)، ويقول لا فرق بين عربى ولا عجمى ولا أبيض ولا أحمر ولا أسود إلا بالتقوى أو كما قال صلى الله عليه وسلم، والناس فى الإسلام كأسنان المشط كما هم فى صلاتهم يركع غنيهم وفقيرهم فى حركة واحدة ويسجد صغيرهم وكبيرهم فى تساوى مذهل.
ولكن هل هذا هو الحال الآن فى عالمنا العربى والإسلامى فلا شيء من هذا (إلا من رحم ربى)، فالأسود يصبح رئيسًا لأكبر دولة فى العالم ولم يسأل أحد عن والده ووالدته وجده الزنجى بل نظر الغرب (الكافر) حسب وصفنا له إلى عمله وما يقدمه لوطنه من فكر وإخلاص، أما نحن (وما أدراك ما نحن) عندما تتقدم لوظيفة لا تسمن ولا تغنى من جوع تجد من يقول لك (إن جدك لوالدتك كان عليه قضية فى الأربعينيات من القرن الماضى وهى عدم مقاومة الجراد! فلا تصلح للوظيفة؟.
يدعونا رسولنا الكريم إذا ما دخلنا حربًا ألا نقتل شيخًا ولا امرأة ولا طفلا ولا نقطع شجرًا ولا نقتل حيوانًا بطرًا ولا نعذب أسيرًا ثم نجد من يخرج من سجون العدو مستوفى للصحة والعناية الطبية وتقول (الأمم المتحدة) عن سجوننا فى سوريا أنها عبارة عن (مسلخ بشرى) فهل هذه هى تعاليم الإسلام أم أننا أصبحنا نسيء للإسلام ونشوه صورته أمام العالم الذى لا يتوانى هو أيضًا فى إلصاق التهم بالإسلام والمسلمين معتمدًا على ما وصلنا إليه من حال أسأنا فيه إلى أنفسنا وديننا بأيدينا.
كان لزامًا علينا قبل محاربة الغرب (الكافر) كما ندعى أن نلتزم بتعاليم ديننا العظيم من حسن خلق وعدل ومساواة، وهنا ليس المطلوب منا أن نعود إلى عصر الصحابة فهذا لن يحدث، ولكن علينا أن نتشبث بالثوابت التى أورثنا إياها رسولنا الكريم من خلال التحلى بأخلاقياته التى جعلته يزور اليهودى الذى كان يؤذيه عندما تأخر عن أذاه فعلم أنه مريض فعاده ليضرب لنا أروع الأمثلة فى حسن الخلق.
يجب أن نتقى الله فى أوطاننا فلا نتبع كل ناعق يبحث بخبثه ودوافعه الدفينة عن تفريق كلمتنا وتشتيت شملنا، يجب أن نتقى الله فى ديننا الذى أسأنا إليه أكثر ما أحسنا وأعطينا الفرصة بتصرفاتنا للغير أن يطعن فى ديننا ويوصمه بما هو ليس فيه من تطرف وإرهاب ونتذكر جميعًا ونذكر العالم كيف فتحت دول وتدافع الناس للدخول فى الإسلام بسبب أخلاق التجار المسلمين من صدق وطهارة وحسن خلق (استقيموا يرحمكم الله).