فى خطابه للأمة فى 30 مارس عام 1958 ذكر الرئيس جمال عبد الناصر أنه يؤمن تماماً بضرورة إنشاء مجالس قومية متخصصة، على غرار الموجودة فى العالم فى هذا الوقت، كفرنسا وإيطاليا ودول أوروبا الشرقية وغيرها، على أن تكون متخصصة فى كافة العلوم الاجتماعية والاقتصادية، وذلك لمواجهة مشكلات المجتمع فى كافة المجالات ووضع الخطط والحلول الداعمة والمساندة للرؤية السياسية وصياغة أساليب تحقيقها.
وصدر عام 1971 القرار الجمهورى بإنشاء تلك المجالس، وفى 1974 تم تشكيلها وتكونت من أربعة مجالس هى: التعليم والبحث العلمى والتكنولوجيا، الخدمات والتنمية الاجتماعية، الشئون الاقتصادية، الثقافة والفنون والآداب والإعلام.
وبدأت المجالس السير على الخطة الموضوعة لها من قيام كبار العلماء المصريين الذين كان عددهم من حملة الدكتوراه وما شابهها فى هذا الوقت يفوق الربع مليون، إلى جانب علماء عرب من عدة دول عربية، وشارك أيضا العديد من العلماء الأجانب من جنسيات مختلفة، فكانت الحصيلة فى منتهى الأهمية لأنها فى غالبيتها أبحاث تطويرية لا تعبيرية وناتجة عن جهود جبارة جاهزة للتطبيق فى دول نامية تسعى لتأسيس بنية تحتية مثل مصرنا الحبيبة لرسم سياستها على المدى الطويل، فإن هذه المجالس استشارية للسلطتين التنفيذية والتشريعية وتتبع مباشرة لرئيس الجمهورية.
لكن وللأسف تبخر الحلم وقام أعداء النجاح بتحويل هذه الثروة إلى مجرد مركز للوجاهة الاجتماعية، فقد سلموها لغير المتخصصين وكبار السن وفاقدى الخبرة والبعيدين تماما عن نطاق العلم والعلماء من المفكرين المتخصصين، وأصبحت هذه الأبحاث النادرة والتى يتشوق العالم بكل دوله لرؤيتها على أرض الواقع تتجاهلها الحكومة وتقوم فقط بالتصديق عليها والحفظ فى أرشيف دون حتى معرفة مضمونها أو محاولة نشرها، ما شجع الباحثين على التوجه إلى أماكن فى دول أخرى للاستفادة وتطبيق ما توصلوا اليه فى أبحاثهم واختراعاتهم، فليكن ما حدث ذكرى للتحفيز والانطلاق وتصحيح الأخطاء وقهر الفساد والمفسدين .
إننا لم نكن فى الماضى نفكر فى الكيف المنتج من هؤلاء العلماء ولم نعمل على تفعيل والاستفادة من الكم الهائل من الأبحاث، حتى إن ميزانية البحث العلمى فى التعليم والتعليم العالى فى مصر لم تكن تتجاوز 09% فى الوقت الذى كانت الدول المتقدمة تصل إلى أرقام خيالية فى مخصصات البحث العلمى وعدد الكتب المنتجة سنويا وبراءات الاختراع والجهود المبذولة من أجل التنمية المستدامة، والتى ننصح الشباب بمتابعة الجديد فى البحث العلمى، والذى يخرج للعالم يومياً، خاصة فى هذا العصر الذى تضع حكومتنا الرشيدة فيه الاهتمام بالفرد تربوياً وثقافياً واجتماعياً واقتصادياً لتكون مصرنا الحبيبة أم الدنيا والعالم.. والله الموفق والمستعان .