لا يختلف اثنان على أهمية الثقافة للشعوب على كل مستوياتهم وطبقاتهم، فهى تجرى فى العروق والأوردة مجرى الدم بالطريق المباشر عن طريق القراءة والاطلاع والتلقى، أو التشبع بالموروثات الشعبية، وكان الكتاب ومازال هو المصدر الأول للثقافة، وإن تعددت المصادر فى وقتنا الحاضر بعد انتشار الوسائل المختلفة منها المسموع والمرئى وشبكات التواصل عبر الإنترنت والمكتبات والصحافة الإلكترونية، ورغم ذلك لم يقل الطلب على الكتاب الورقى المطبوع فله سوقه وله عشاقه ومحبوه.
ويذهب الباحثون عن الثقافة إلى أسواقها المتمثلة فى معارض الكتب والمكتبات فينظروا فى فترينات العرض فتقشعر أبدانهم من هول ما يرون من ارتفاع جنونى فى سعر الكتاب فيولون مدبرين باحثين عن الثقافة من طريق آخر، الكتاب ليس بضاعة موسمية لدى المثقف إنما زاد لا يقل أهمية عن طبق الفول المدمس ورغيفى الخبز للعامل الكادح وسواء كان الإقبال على معارض الكتب كثيفا أو متوسطا فإن العبرة ليست بكثافة الإقبال أو قلته إنما العبرة فى الشراء والاقتناء الذى تحول ضيق ذات اليد لدى الكثيرين دون تحقيقه.
أصبح الباحث عن الثقافة الآن ينشدها من شتى الطرق والمنافذ بالضغط على أزرار فى حاسوبه الشخصى فيجد لديه ما يشاء ويشتهى من شتى المعارف والعلوم ولست أدرى ما الذى تضيفه كتب المعارض من جديد فى العلم والمعرفة رغم ارتفاع أسعارها فالأصول ثابتة لا تتغير ولا يستطيع كتاب أو كاتب الإضافة إليها أو الإنقاص منها إلا النذر اليسير وتبقى اللوعة والحسرة فى قلوب الباحثين عن المعرفة الذين يبحثون عنها ولا يجدونها فى كتب المعارض والمكتبات إما عن شح المادة العلمية أو صعوبة الاقتناء.