يقول الدكتور روبرت أنتونى فى مقدمة كتابه الرائع "الأسرار الكاملة للثقة التامة بالنفس"، إننا عندما ننظر حولنا إلى إخواننا فى البشرية سنجد أنه من الصعب علينا تجاهل حقيقة أن القليلين جدا منا هم السعداء الذين يشعرون بالرضا والإشباع ويعيشون حياة هادفة ذات مغزى، وأن معظمنا يبدون غير قادرين على التكيف مع مشاكلنا وظروف حيواتنا اليومية، فقد كيفنا أنفسنا فقط على تجنب الفشل، مما أدى إلى ضمور الرغبة المتأججة فى النجاح عن طريق التجربة والخطأ، فأصبح التكيف على المستوى المتواضع من العيش طريقة حياة .
ونتيجة لذلك فإن مشاعر عدم الملاءمة أو الكفاءة تجعل غالبيتنا _ بشكل إنسانى تام _ يوجهون اللوم والانتقاد للمجتمع وللحكومة والحكام محملين إياهم المسئولية على ما حل أو يحل بهم من اخفاقات وإحباطات، لدرجة تجعل هؤلاء الغالبية لا يستجيبون فى المعتاد للآراء المنطقية التى تثبت لهم العكس .؟؟
وقبل روبرت أنتونى قال الفيلسوف وعالم النفس البارز ويليام جيمس: "لقد كان من أعظم اكتشافات عصرنا، أننا نستطيع تغيير المظاهر الخارجية من حياتنا _ بؤسا كانت أم فقرا أو شقاء أو فشلا ً إلى آخره، إلى ما يناقضها والعكس _ عن طريق تغيير الأوجه الداخلية لتفكيرنا، "وهذه العبارة على قصرها تحمل فى طياتها الحقيقة الديناميكية التى تؤكد أننا لسنا ضحايا للآخرين وإنما مشاركون ضالعون فى صنع حياتنا والعالم من حولنا، سواء على مستوى القرية أم المدينة أم الوطن، فنحن لسنا ما نظن أنه هو وإنما نحن ما نفكر فيه !!!
إن ما يجعل شبابنا يتبع بعضه بعضا ويتلقف الشائعات التى يبثها غيره ويروج لها على مواقع التواصل وينشرها بزيادات من عنده على صفحته لتمكين الإحباطات فى نفوس المواطنين من غير تفكير فيها وباستعماء مقصود عن كم الإنجازات التى تتم على أرض الواقع (النصف المملوء من الكوب) يرجع إلى محاولة التكيف مع الأغلبية والإذعان لها حتى يشعر بعدم فردانية فشله وإحباطه، وها هو الوقت قد حان للتخلص من هذه العقلية والتوقف عن عقاب أنفسنا لمجرد أننا مختلفون عن عائلاتنا أو أصدقائنا أو أى شخص آخر فى حياتنا، وبهذا يمكننا التخلص من الكثير من معاناتنا وعدم السماح لغيرنا بإفساد حياتنا .
إننا إذا فكر كل منا فى إصلاح نفسه وتغييرها بعمل يعود عليه وعلى غيره بالخير – ونستطيع هذا فهو بيدنا – بدلا من التفرغ لتغيير الكون من حولنا – ولن نستطيع فليس بيدنا – لتغيرت أحوال مجتمعنا ككل، وهل الوطن إلا مجموع كيانات مختلفة تعيش على أرض واحدة تحت سماء واحدة، تناسب إمكانات صلاحه طرديا مع عدد الكيانات الصالحة فيه