فى الوقت الذى أصبح فيه العالم قرية صغيرة يبحث فيها السكان عن التنقل والتعارف وفقاً لسُنن هذا الكون، تتجه الإدارة الأمريكية لفرض قيود كبيرة على السفر إلى الولايات المتحدة، بل حدث هنا فى منطقتنا العربية انزعاج كبير حينما حددت الإدارة الأمريكية دولا بعينها مُنعَ مواطنوها من دخول الولايات المتحدة .
الإدارة الأمريكية تعزل بلادها عن العالم شيئا فشيئا، وتُمزق جدران التواصل التى هى الأولى ببنائها، فالتقوقع هو محل يهجره مواطنو هذا العالم، ويسعى الجمع لبسط جسور التلاقى والتجول والتباهى بالقيم، ويزيل مواطنو هذا العالم القيد على التحرك الذى يتم تصنيفه على أنه تقييد للحرية، غير أن الحكومات مُتمسكة بهذا القيد، وأنا من وجهة نظرى وقد سجلت هذا الكلام فى مقال سابق، أنه طالما القادم إلى الدولة هو مواطن صالح فى بلده ويتمتع بالسلوك السوى، فمن غير العدل أن يتم منعه من دخول الدولة، ولكن للحكومات رأى آخر الآن، ستعدل عنه حينما يتحرك مواطنو هذا العالم بين الدول دون الرجوع لحكوماتها، وأتصور أنه بعد ثلاثين عاماً لا تأشيرات ولا قيود ستمنع مواطنو هذا العالم من التحرك بحرية فى أرض الخالق .
من حق أمريكا أن تمنع أشخاصاً من دخول أرضها فى الوقت الراهن، لكن تمنع مواطنى دول من دخولها جملةً وتفصيلاً هو أمر يجعلنا نتوقف كثيراً حول طبيعة تفكير هذه الإدارة، ويا ريت الأمر يمر عند هذا الحد وفقط، لكن هناك توقع بمزيد من القيود سيتم فرضها لتجد أمريكا أنها أصبحت تعزل نفسها عن العالم، وباتت الحكومات التى ترى فى أمريكا أنها تضطهدها ستسعى لتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل، إذن الإدارة الأمريكية هنا أصبحت تعزل مواطنيها عن العالم بعد أن يُصبح غير مُرحباً بهم فى بلدانٍ شتى.
ربما ترى الإدارة الأمريكية أن قرار المنع ووضع القيد هو قوة إدارة وبسط هيمنة على الحدود وسيادة أمة، لكن أرى أنه قرار مُنعزل عن الحداثة ويفتح الطريق أمام التحرك بعنصرية فى هذا العالم، والأهم هو العزل المؤكد لأمريكا عن العالم الذى يرى مواطنوه ما لا تراه الحكومات فى التواصل وإزالة القيد