يضع المؤلفون فى مقدمة مؤلفاتهم ومصنفاتهم فهرسًا يضم محتوى المادة التى فى كتابه، ويضعه البعض فى أوله والبعض الآخر يضعه فى آخره، ولكن السائد عندى وعند البعض وضع الفهرس فى المقدمة .. إذ أن الفهرس هو بوابة ودليل للقارئ حين اطلاعه على الكتاب ومادته .. وربما لن يؤثر ذلك عند البعض الآخر كونه يوضع فى المقدمة أو فى النهاية، وإنما هذا عندى بوضعه فى أول الكتاب.
وطالما كان فهرس المحتوى فى المقدمة كانت فاتحة الكتاب معلومة لأن التصفح فى العربية من اليمين وليس اليسار، لا يشكل هذا عائقا بقدر ما هو شاذ عند كثير من المؤلفين، فالصحيح وضعه فى المقدمة، وهذا له قيمته العملية فى تسريع عملية التصفح والاستقراء لمحتوى الكتاب بما اشتمل عليه من فصول ومباحث بل ومطالب.
ثم عرض الفهرس هو فى غاية الأهمية وتحديد معالمه جديرة بالاهتمام، والالتزام حين وضعه بالدقة مطلوبًا أيضًا، والمؤلفون حينما يضعون محددات الفهارس التى أراها فى الكتب، يختلفون إلى نوعين: النوع الأول من المؤلفين لا يهمه سوى ذكر العنوان فحسب دونما أن يحدده بالدقة من حيث هل هو: فصل أو مبحث أو مطلب، ونوع آخر يعتنى أشد العناية بكل تفاصيل كتابه، وبكل صغيرة وكبيرة، ويضع العناوين بشكل دقيق، وهو المطلوب.
والمطلوب أيضًا حينما يضع المؤلف كتابه أن يلتزم علميًا بما فى الكتاب من مادة يقوم على فهرستها وتكشيفها مهما كانت ضئيلة الحجم، وكثيرًا من المؤلفين ماهرون فى فهم ذلك، ويعلمون أن فهرس المحتوى هو فى حد ذاته إطلاع القارئ على مادة الكتاب كليًا بشكل دقيق ونافع.
كما أن النافع فى الأمر أن هذا الموضوع يخص الباحثين أكثر، فالفهرس التفصيلى لمحتوى الكتاب يعنى للباحث الكثير، أقل فائدة منه أن المؤلف احترم عقل القارئ وأسد له خدمة الفهرس التى وضعها فى مقدمة كتابه والتى تتراوح صفحاته ما بين صفحة إلى ثلاث صفحات وأحيانًا تصل إلى أكثر من ذلك، ليبين له الجانب الذى يحتاجه من كتابه دونما إضاعة الوقت فى التصفح ربما لأجل كلمة، ربما لأجل اسم علم أو موضع أو أقل إشارة وردت بالكتاب أو غير ذلك.
فهل ينتبه المؤلفون إلى أهمية الفهرسة والتكشيف لمحتوى كتبهم وإخرج كل ما تحتويه من عناصر فى ظل هذا الركام العظيم من المؤلفات والمصنفات التى لا يسع الوقت للاطلاع عليها، هل حينما يتقدم أحدهم بكتابه إلى لجنة تحكيم لجائزة ما، يجعلهم ينظرون بالتقدير إلى مادة كتابه فى ضوء فهرس المحتوى.
خلاصة القول أن فهرس المحتوى هو الدليل للقارئ والباحث، ويحتاج إلى عناية ماهر وبصيرة قارئ مُدقق ينبغى أن يجتمع كلاهما فى المؤلف حينما يصنف كتابًا ما، به فهرس للمحتوى؛ ليُجل شأن الفهرس والمؤلف . وفقنا الله جميعًا.
• باحث ماجستير، كلية الآداب– جامعة القاهرة