معظم المدارس التابعة لوزارة التربية والتعليم خاصة التعليم الأساسى فى بعض المناطق البعيدة عن بؤرة الاهتمام، وهى كثيرة، وخاصة فى الأرياف، أن لم يكن كلها محرومة من الممارسة الحقيقية للأنشطة كالموسيقى والرسم والتربية الرياضية، بالرغم من وجودها بالجداول إلا أنها للأسف الشديد توزع على مدرسين لا يمتون إلى النشاط الفنى بأية صلة.
فمثلاً قد يضاف جدول الموسيقى إلى مدرس العلوم، وجدول التربية الرياضية إلى مدرس اللغة العربية وجدول التربية الفنية إلى مدرس التربية الوطنية أو إلى الأخصائى الاجتماعى! وذلك حتى يمتلئ الفراغ فقط وليس لتقديم الخدمة التعليمية الصحيحة. وأنا أعرف أستاذاً يقوم بتدريس العلوم للصف الخامس الابتدائى وموكل إليه تدريس جدول الموسيقى للصفين الأول والثانى وهو لا يحب من الإذاعة إلا نشرات الأخبار ولا يعرف من الموسيقى إلا طافا.. طيفى.. طاطى، وهو فعلا مضطر لأن يطاطى حتى لا يغضب المدير.. وبالتالى الإدارة.. فتثور الوزارة وتخسر العملية التعليمية! ثم بعد ذلك نشكو من تدنى أذواق الأجيال الجديدة فى السماع، ونرى اللاعبين المصريين تنقطع أنفاسهم بعد دقائق معدودة من اللعب ويعتمدون على أقدامهم ويلغون عقولهم بعكس الأجانب بما فيهم الأفارقة! ونرى الشاب ينظر إلى لوحات بيكاسو ويضحك فى سخرية لأنه لا يفهم معنى التجريد فى الفن، ولم يدرسه ولم يصادف من يفتح عينه على حب الجمال.
رجاء إلى السادة المسئولين بوزارة التربية والتعليم وهم يعلمون جيدا أننا نقف الآن فى مفترق الطرق، نكون أو لا نكون، أن يولوا مزيداً من الاهتمام بهذه النقطة وخاصة فى المناطق البعيدة عن الأنظار، فالقاهرة والمدن الكبرى ليست هى كل مصر ولا هى المنبع الوحيد لبزوغ العباقرة، بل قد تبزغ المواهب وتتألق العبقريات فى النجوع والحارات وبيوت سقفها القش والبوص.