متى ينتهى الفساد؟ سؤال مهم جداً يطرحه الكثير من المصريين كل يوم وكل ساعة.. ولكن لماذا لا يطرح من كل المصريين؟؟، لأن هناك البعض منا لا يريد أن يتم طرح هذا السؤال ولا يتم النقاش فيه ولا الوصول لحل له .
كارثة مصر ليست فى اقتصادها ولا قلة السياحة ولا عدم وجود صناعة كبيرة فحسب، ولكن الجزء الأكبر من الكارثة هو فساد البعض من أصحاب المراكز سواء كانوا من المراكز العليا أو الدنيا فى الكثير من الأجهزة الإدارية فى الدولة .
هيئة الرقابة الإدارية فى مصر تقوم بعمل رائع لم يحدث فى مصر من قبل، وفى الأشهر الأخيرة قامت بالإيقاع بالكثير من أصحاب المراكز فى الأجهزة الإدارية المختلفة، سواء كان بسبب فساد مالى أو أخلاقى ... وهو ما يشعر المواطن أن هناك من يعمل للقضاء على الفساد .... فمهما تطورت الدولة أو تقدمت صناعياً أو اقتصادياً فالفساد الإدارى قادر على القضاء على أى نجاح مهما كان كبيرا .
الفساد فى بعض الأجهزة الإدارية فى الدولة متأصل، وأصبح متينا لدرجة تفوق قوة الحديد، وبالتالى إزالته تكون صعبة وتتطلب وقتا وجهدا كبيرا، ولكنه ليس مستحيلا. وحتى تستطيع الدولة القضاء على الفساد فعليها أن تقوم بعدة أمور هامة جداً وهى:
*استبدال كل القيادات القديمة فى مؤسسات الدولة بقيادات شابة متسلحة بالعلم وحب الوطن، وأهم من ذلك أن تكون متسلحة بالأخلاق والدين .
يتم استبدال تلك القيادات على مراحل.. مهما كانت فاسدة أو غير فاسدة.. لأن الفاسد حتى وإن كان حجم فساده ضئيلا فهو يشارك فى دمار الدولة.. وغير الفاسد فهو لم يستطع أن يمنع الفساد فى الجهة التى يديرها، فالفساد كاد أن يكون موجود فى كل صغار الموظفين وإن لم يكن فساد مالى فهو فساد وظيفى.. فالموظف غير الفاسد مادياً هو فاسد وظيفياً .. بمعنى ... أنه لا يقدم للدولة أى شىء حتى أنه لا يقوم بأداء عمله البسيط وكل همه هو البحث عن الراتب والعلاوة والإجازات فقط. وهو بذلك يشكل عبئا ماليا على الدولة .
*يتم تغيير أسلوب العمل فى كل الأجهزة الإدارية للدولة... فينتهى عصر تحكم الموظف فى استخراج الأوراق وإنهاء مصالح المواطنين ويتم كل شىء تكنولوجيا.. فتعامل المواطن مع الحاسب الآلى أصبح أفضل بكثير جداً من التعامل مع الموظف (أبو دفتر)... فالشركات الخاصة التى تقدم خدماتها عن طريقة شبكة الإنترنت حققت نجاحاً مبهراً فى وقت قصير فلماذا لا تقوم الدولة بذلك؟، حيث إن الدولة تمتلك من الإمكانيات الكثير مما يؤهلها للنجاح فى ذلك بكل سهولة ويسر .
*فتح باب الخروج للمعاش المبكر لموظفى الحكومة (كبار السن) مع تقديم ما يغريهم مادياً لاتخاذ ذلك القرار واستبدالهم بشباب على درجة كبيرة من العلم مع تأهيلهم جيداً على استخدام كل وسائل التكنولوجيا الحديثة وإنهاء عصر (الأستاذ: محمد) و(مدام: محاسن) الموجودين فى كل مصلحة حكومية، وبسببهم أصيب نصف عدد المواطنين المصريين بالضغط والسكر بسبب المعاناة التى يعيشون فيها بسبب أمثال هؤلاء من الموظفين عند التعامل معهم لقضاء مصالح خاصة بالمواطن .
*وجود أجهزة رقابية داخل كل جهاز إدارى من أجهزة الدولة والمرور بين المواطنين ومراقبة الموظفين أثناء تعاملهم مع المواطن إذا تطلب الأمر أن يتعامل المواطن مع الموظف مباشرة .
*عمل حملات توعية فى كل وسائل الإعلام للمواطن بعدم التعامل مع الموظف بالرشوة وتوعية الموظف بخطورة ما يقوم به وما يترتب عليه من أثار سلبية إذا ما تم ضبطه يقوم بفعل مخالف للقانون .
*صدور قوانين خاصة لمحاربة الفساد وتغليظ العقوبة على من يقوم به ... وتعديل لوائح الجزاءات داخل كل جهة إدارية مع تغليظ العقوبات التأديبية ومحاسبة الموظف ومديرة معاً حتى يكون ذلك دافعاً لكل مدير لمراقبة من يخضع لرقابته من الموظفين .
*توعيه الأجيال الجديدة بخطورة الفساد على الحياة، وذلك عن طريق إدراجها فى المناهج المدرسية حتى نزرع فى تلك الأجيال كره الفساد وحب الوطن ... فالمواطن فى البلاد الأوروبية أصبح من أساسيات فكره (النظافة والأمانة والنظام وحب الوطن وحب العمل)، وذلك كله سبب أساسى لنجاحهم فى الحياة .
فمهما أقامت الدولة مشاريع استراتيجية عملاقة ونمت اقتصادياً ستظل دولة نامية طالما بقى فى أجهزتها الإدارية الفساد ... فلنحارب الفساد لأنه العدو الأول للبلاد ... فلنحاربه فى أنفسنا كمواطنين ... وتحاربه الدولة فى مؤسساتها الإدارية .. وهو ما تمضى فيه الدولة الآن .. وذلك من أجل غد أفضل بإذن الله.