تسعى الدول بشتى الطرق لجذب الاستثمارات وجعل أراضيها معقلاً للمستثمرين ، باعتبار أن الاستثمار يعكس قوة كبيرة فى النواحى الاقتصادية فى الدولة وقدرة فريدة لإدارة هذه الدولة فى الشق السياسى وفتح ما يسمى بالسوق الحر ، وإشارة غير مباشرة للعقل الاستثمارى الحر فى حرية نقل النقود والثروات وتغيرها ولا عرقلة بالنسبة للشركات الكبرى عابرة القارات مُتعددة الجنسيات ، فى ظل تباهى وتفاخر بين الدول فى بساطة قوانين الاستثمار ومدة التراخيص وعروض الضرائب التى تُقدمُها الحكومات سواء بفرض شريحة ضريبية بسيطة على الشركات التى تبدأ أعمالها أو الإعفاء من الضرائب لعددٍ من السنوات .
تتهافت الدول على المستثمرين وأحياناً كثيرة تُقدم لهم عروضاً يرها البعض تفريطاً ، ودول تُعطى الأمر الرأسى بتذليل كل العقبات أمام مُستثمرين بأعينهم فاتحين لهم "هوت لاين" للرد الفورى على مشاكلهم وحلها قبل انتهاء المكالمة ، وفى أحيانٍ كثيرة يُصاب المستثمر بالضجر نتيجة لكثرة التسهيلات مُتوهماً أن حكومة هذه الدول "تضحك عليه " .
الدول تتناسى الإجابة على سؤالٍ مهم وهو: لماذا يأتى المستثمر ليستمر فى هذه الدولة دون غيرها؟
المستثمر يأتى للربح، والربح يأتى من قدرة المواطنين على شراء السلعة أو الخدمة من خلال نقود رواتبهم، بمعنى ماذا لو أنشأ مستثمرا مجموعة منتجعات سياحية فى الصومال، هل تعتقد أنه سيُحقق الربح الوفير، بالطبع لا، لأن دخول الأفراد هناك لا تسمح لهم بالإقامة ليلة واحدة فى منتجع من هذه المنتجعات، وماذا لو قدمت دولة الصومال تسهيلات كبيرة للمستثمر من خلال إعطاءه الأرض وبناء المنتجع وإبداع اموالاً من ميزانيتها فى حسابه الشخصى ليأتى هو ويُدير فقط لتتحرك عجلة اقتصادها، بالطبع ستجد المستثمر يتأفف غضباً، لأن تحقيق الربح سيكون بمثابة السحر.
السر هنا فى "دخول الأفراد" ، فدخل الفرد هو الطُعم الذى يبحث عنه كل مستثمر ليُلقى بنفسه فى شِبَاك الحكومة مُقدماً لها العروض من خلال دفع الضرائب مُقدماً ومساعدتها فى دوائر الإنفاق لديها كالتعليم والصحة ودعم الجمعيات الأهلية، لأن الربح سيكون هنا بمثابة الماء السهل الجَرِّى الذى يتدفق من أعلى الجبل ليسير فى نهر المستثمر .
لكى تكون دولة كبيرة ذات اقتصاد قوى يجب أن تتأكد أن الأفراد لديك تتمتع بمستوى دخول مرتفع، وتسعى أنت كدولة للزيادة المستمرة فى دخول الأفراد لديك، من خلال التوعية وضمان الحقوق والحصول على الراتب بعدد من الساعات وربما الدقائق إن لزم الأمر وليست الرواتب بالشهور والمكافآت بنهاية الخدمة والأجازات بالمرض أو فقد الوعى ، لكى تكون دولة قوية انظر لدخل الأفراد لديك وحسنه لأنه هو المحرك الرئيسى لاقتصادك .