يستمتع الكثيرون بالنميمة، وبالإساءة إلى أقرانهم، وأظن أن أسباب هذه التصرفات لا تخرج عن كونها أمور نفسية، يُحاول أصحابها إخراج ما لديهم من طاقة سلبية، عن طريق البحث عن عيوب ومثالب الآخرين، سيما لو كان الطرف الآخر ناجحًا ومتميزًا.
ولكن هل هذا منطقى ؟! لماذا يظن البعض أن رفعة شأنهم وعُلوهم مرتبط بالوقوف على أشلاء الآخرين ؟! وهل يظن هؤلاء أنهم بإتيانهم هذه التصرفات قد نالوا من غيرهم ؟ فلو أدركوا أنهم فى الواقع ينالون من أنفسهم أمام من يتحدثون أمامهم، لكانوا فضلوا الصمت عن الكلام، فهناك أشخاص مهما أساء إليهم الغير، لن ينتقص منهم شيء، فهم فوق أى إساءة أو شبهة. والغريب أنهم دائمُا ما يواجهون هذه التصرفات باللامبالاة الشديدة.
وقد حدث ذلك بالفعل مع الفيلسوف الفرنسى الساخر "فولتير"، فأثناء حديثه مع صديق له عن أحد معارفه، قال له صديقه: " غريب أمرك، إنك دائمً تذكره بالخير، وتُثنى عليه، علمًا بأننى لم أسمعه قط يذكرك بالخير، بل إنه لا يترك فرصة إلا ويذمك"، فرد عليه "فولتير": "من المحتمل أن يكون كل منا مُخطئًا"
وهذا الرد أصاب كبد الحقيقة، فالواقع أن كل شخص يتحدث بأخلاقه ومبادئه، ومن يُركز سيدرك أنه حينما يُسيء للغير، يكون قد أساء لنفسه أولاً، وأنه بإساءته لم يُقلل من شأن من أساء إليه، وبالفعل هناك شخصيات لديها تميزها ونجاحاتها واحترامها، وقطعًا يُعانون من محاولات الإساءة الموجهة إليهم من الآخرين، ولكن فى النهاية تموت الإساءة وتُرَدُّ إلى صاحبها، ويظل الشخص النبيل كما هو، بل إنه قطعًا يعلو شأنه، ولا تشوبه شائبة، ولن يتأثر بكلام الناس.