أيمن نعمانى يكتب: المنشأة ما بين الواقع المرير وغريزة البقاء

المنشأة إحدى مراكز محافظة سوهاج تقع إلى الجنوب من مدينة سوهاج عاصمة الإقليم، تبلغ مساحة مركز المنشأة 1230 كم² ويبلغ عدد سكان المنشأة حوالى 39.500 نسمة حسب تعداد عام 2001. المنشأة مدينة قديمة بطلمية النشأة وكانت تسمى Ptolemais Hermiou، ذكرت كثيراً فى كتب التاريخ، وقد خرج منها كلاوديوس بطليموس الحكيم، أبو الجغرافيا، والذى ولد فى المنشأة عام 90 م. كما خرج منها حفظة القرآن الكريم وأشهرهم عائلة صديق المنشاوى.

رغم أن المنشأة وحسب موقعها الجغرافى بين مدينتى سوهاج شمالاً وجرجا جنوباً والذى كان من الممكن لموقعها أن تكون درة المحافظة لوقوعها بين العاصمتين الإداريتين للمحافظة جرجا فى عصر المماليك والعصر العثمانى أو سوهاج فى العصر الحديث، إلا أن حظها العسر جعلها تأتى فى مؤخرة ركب التنمية وفى الدرجات الدنيا من سلم الخدمات بين المراكز الإدارية لمحافظة سوهاج.

ولقد عانت المنشأة طويلا من غياب الرؤية السياسية التى تعطيها القدر الكافى من الاهتمام فقد كانت المنشأة مجرد حقل تجارب للمسئولين الجدد تارة، وكارت ترضية للمسئولين المغضوب عليهم والذين لا يمكن أزاحتهم من سدة المسؤولية فكان أن يتم ترحيلهم من مواقعهم التى أساءوا فيها إلى مركز المنشأة كمقعد احتياطى تارة أخرى، لذلك رزحت المنشأة ولعقود نحن نير الفساد واستغلال السلطة وضعف الإدارة وغياب الضمير.

ففى مجال التعليم تعانى المنشأة من ارتفاع نسبة الأمية لتصل إلى 20% لمن هم فوق 15 سنة، وذلك نتيجة لسوء حالة المؤسسات التعليمية وعدم كفايتها وازدحام الفصول الدراسية وارتفاع نسب تسرب الطلاب من المراحل التعليم المختلفة، وانخفاض مستوى المعيشة الذى يدفع الأطفال للخروج من مقاعد الدراسة إلى ميادين العمل المختلفة داخل المحافظة أو خارجها. وفى مجال الخدمات فحدث ولا حرج نقص متنامى الوتيرة فى مستوى وحجم الخدمات والذى جعل المنشأة فى بعض مناطقها أقرب إلى بدايات القرن العشرين أو القرن التاسع عشر. وهذا الانهيار الخدمى هو نتاج تزاوج غياب المطالبات الشعبية لضعف الأداء النيابى لممثلين الشعب والإهمال فى الأداء الحكومى، لنبقى نحن نواجه مصيرنا الصعب فى هذا الواقع المرير. وفى الصحة، تعانى المنشأة من تدهور شبه كامل سواء فى مستشفياتها الحكومية العامة على غرار مستشفى المنشأة العام والذى يعانى تدهور كامل فى المرافق والتجهيزات، أو فى الوحدات الصحية القروية والتى تعانى نقص الأطباء والتجهيزات المحدودة والمتهاكة المبانى والمرافق، كمستشفى الزوك الشرقية والوحدة الصحية بقرية الشواولة وغيرها الكثير، مما نتج عنه ضعف الخدمات الصحية المقدمة لأبناء المنشأة دون استثناء.

وفى مجال مياه الشرب، فهى الكارثة الفادحة والموت البطىء، شبكات متهالكة ومتردية المستوى، انقطاع لفترات طويلة يستتبع لجوء الناس لاستخدام مياه الطلمبات الحبشية وما تحمله مياهها من أمراض، وحتى فى وقت وصل المياه فهى رديئة المستوى غيرت مفهومنا السابق عن تعريف المياه أنها سائل ليس له طعم ولا رائحة ولا لون، فأصبح تعريفنا للمياه أنها سائل سام له لون عصير البرتقال ورائحة مياه الصرف الصحى وطعم المحلول الملحى.

وفى مجال الصرف الصحى، فلا شبكات ولا تجهيزات وحتى المتواجد منها يعود لعصور ما بعد قيام ثورة 23 يوليو، وأصبحت منازلنا تشبه فينيسيا، ففينيسيا المدينة العائمة فى مياة البحر أما نحن فالمدينة العائمة فى مياه الصرف الصحى.

لكل ذلك فنحن نتوجه لله العزيز أن يمنحنا قلوباً رحيمة وضمائر يقظة، تعلى من الواجب الوطنى والمسئولية القومية وتتوجه لنا بعين رعايتها، لتخرجنا من واقعنا المرير إلى واقع نستحقه ونتمناه.

نرجو من قيادتنا أن تلتفت إلينا فى اختياراتها للموظفين الحكوميين وأن تختار لنا من يرعى الله فينا والذى يرعانا بجهده وصدق أمانته.

نرجو من قيادتنا فى عهدنا الجديد أن تنالنا منها عين الرأفة وأكف التنمية وأن تشملنا بما نستحقه من مخصصات التنمية وخطط التطوير. رجاؤنا الأخير لا تتركونا بين صراع واقعنا المرير وغريزتنا للبقاء والتى تسير فقط بجهودنا الذاتية البسيطة، نحن نستحق أكثر من ذلك لنا ولأبنائنا ولمستقبل وطننا.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;