محمد محمود حبيب يكتب: أيها الإرهابيون.. متى تدركون أنكم فى ضلال وإلى ضلال؟

العمليات الإرهابية تلك النبتة السيئة، تلك النكبة القاصمة، لقد أصبح مؤيدو التفجيرات الخونة كما فى تفجيرات الكنائس الأخيرة فى مدن طنطا والإسكندرية وغيرها.. يتباهون بالدماء والقتل، وأضحوا يتعاجبون بها كما يتعاجب الأطفال بالثوب المبرقش واللعبة الزاهية الألوان! إنهم طائفة من المضللين الخادعين أعداء البشرية، لقد تصوروا أن هذه الأفعال هى المنهج الإلهى وهم بذلك سيئو النية، شريرون، يطاردون البشرية المتعبة والتى همت أن تفيق، وأن تؤوب من المتاهة المهلكة.. هؤلاء بلا شك ينقصهم حسن النية وينقصهم الوعى الشامل، والإدراك العميق. ويتصور هؤلاء الإرهابيون أن قيامهم بالعلميات التفجيرية أو ما يعرف عندهم بقتل المصلحة وهو أن يضحى الإنسان بتفجير نفسه ليقتل المخالف معه فى العقيدة والدين أو الفكر، سواء فى كنيسة أو فى نقطة ارتكاز أمنى أو فى تجمع بشرى ظنًا منه أن هذا هو لخدمة الدين وامتثالاً للمنهج الإلهى يكون جزاؤه نيل الشهادة والتمتع بالحور العين! وهذا القول مبنى على رأى فاسد فى الواقع؛ لأنَّ النتيجة السيئة أضعاف أضعاف ما يحصل بهذا وأبسطها تشويه الإسلام فى نظر الآخرين. أيها الإرهابيون: إلى أى أدلة تستندون وإلى أى حجج تستشهدون؟ اعلموا أنه لا حجة لكم فى قصَّة البراء بن مالك- رضى الله عنه - فى غزوة اليمامة (حيث أَمر أصحابه أن يُلْقُوه من وراء الجدار ليفتح لهم الباب، فإن قصة البراء ليس فيها هلاكٌ محقق ولهذا نجا وفتح الباب ودخل الناس، فليس فيها حُجة(. ومما لا شك فيه أن العمليات الانتحارية التى يتيقن الإنسان أنه يموت فيها حرامٌ، بل هى من كبائر الذنوب؛ لأن النَّبى صلى الله عليه وسلم أخبر بأنَّ (من قتل نفسه بشىء فى الدنيا عُذِّب به يوم القيامة) (رواه البخارى (5700) وغيره، ولم يستثنِ شيئًا بل هو عامٌّ؛ ولأنَّ الجهاد فى سبيل الله المقصودُ به حماية الإسلام والمسلمين، وهذا المنتَحر يُدمِّر نفسه وُيفقَد بانتحاره عضوًا من أعضاء المسلمين، ثمَّ أنه يتضمن ضررًا على الآخرين لأنَّ العدو لن يقتصر على قتل واحد، بل يقتل به أُمما إذا أمكن؛ ولأنه يحصل من التضييق على المسلمين بسبب هذا الانتحار الجزئى الذى قد يقتل عشرة أو عشرين أو ألف، يحصل ضررٌ عظيم، كما هو الواقع الآن. ويستدل هؤلاء السذج أيضًا بقصة أصحاب الأخدود والتى أخرجها مسلم برقم (3005)، وأشار إليها القرآن فى سورة البروج، ومختصرها أن هناك غلاما مؤمنا فشل الملك الظالم فى قتله بعدة محاولات فاقترح الغلام أن يقتله بالسهم وسيموت بشرط أن يؤمن الناس فآمنوا الناس بالله! وهذه القصة تختلف عن الواقع بأشياء منها: 1ـ مصلحة الدعوة ونصر الدين فى قتل الغلام بيد الملك كانت متحقِّقة، بخلاف قتل أنفسكم أنتم وغيركم من المسلمين وغيرهم من معصومى الدم الذين لا يجوز قتلهم. 2ـ أن ثمرة صنيع الغلام إيمان الناس أجمعين، فقد جمع الناس على فعل واحد ولم يترتب على ذلك مفاسد، وكان جازمًا بتحقيق هذه المصلحة العظمى؛ لأنه من الملهَمين، لذلك طلب هذه الصفة التى يُقتل عليها، ودخل الناس فى عبادة الله عز وجل، وكفروا بالطاغية، أما اليوم فقد وقعت مفاسد نفر الناس من الإسلام، وأدى إلى ارتداد بعض المسلمين عن الإسلام. ولا يمكن قياس ما يحدث من الإرهابيين على غلام الأخدود؛ لأنه لم يقتل نفسه بيده، وإنما بيد الملك، ولا على قصة اقتحام البراء رضى الله عنه، ولا حديث الانغماس فى العدو حاسرا؛ لذات السبب. 3ـ واقعة الغلام واقعة خاصة؛ لأنه أحد الملهمين، والواضح من سياق القصة: أن هذا الغلام أحدُ المحدَّثين الملْهَمين فى الأمم السابقة، كما أخرجه البخارى (3282) وغيره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ كَانَ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ مِنَ الْأُمَمِ نَاسٌ مُحَدَّثُونَ". ويؤيد ذلك ما قاله القرطبى فى تفسيره (19/287): "لما غلب على ظنه أنه مقتول ولا بد، أو علم بما جعل الله فى قلبه؛ أرشدهم إلى طريق يُظهر الله به كرامته وصحة الدين الذى كان عليه، ليُسْلم الناس، وليدينوا دين الحق عند مشاهدة ذلك، كما كان ". قلت: ولنسأل مؤيدى هؤلاء الإرهابيين: هل أنتم مُحَدَّثون مُلْهَمون؟ كلا... فلا أنتم ملهمون ولا أنتم لدينكم خادمون، ولن تروا الحور العين التى تحلمون بهن.



الاكثر مشاهده

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

;