لم أعهد سوى الزهد فى كل شىء، الأموال الطعام وحتى معرفة الناس، القليل دائما يأخذ النصيب الأكبر من التقدير، ولكن مع مرور السنين وزيادة الأعباء، يتوجب عليك أن تطمح أو تطمع، والمقصود فى الحالتين أن تتخلى عن الزهد وتضع كل ما عهدته من قبل على رف لا تعلم ستعود لتلتقطه أم سيظل هناك فقط للتزيين، وتبدأ فى المحاولة مرة ثم الأخرى وفى كل مرة تأخذ كل محاولة جزء من تفكيرك، ليس تفكيرك فقط ولكنك تشعر أنها بدأت تمتص من روحك مرة تلو الأخرى، وأعتقد أنه فى الأخير ستجد أنها بدأت فى تغيير ملامحك، ولكنك عند البداية علمت أن كل هذا سيحدث، كنت تعلم كل شىء، والسؤال هنا هل يستحق؟، هل كان قرارا صحيحا؟، أم كان لابد من اتخاذه دون النظر إلى ما سيؤول إليه الأمر؟.
لم تعهد كل هذا، وعلمت أنك ستصل إليه، كيف تركت الأشياء تتحول وتسير دون النظر إلى موقعك إن كان باستطاعتك أن تجاريها أم لا، أم أنها قوى أكبر من سيطرتك على ما عهدته؟، أم أنه الهوى؟، فإنى أعرفك يقينا، فلا يوجد قوى مهما بلغت شدتها قادرة على تغييرك، فلقد مر عليك الكثير واحتفظت بشكلك وكيانك، لذا أرجح الهوى، ليس لعلمى بمدى قوته ولكن لأنك لم تتذوقه من قبل، فكانت كلها محاولات للوصول، ولكن انتهت عند نقطة محددة كل مرة تختارها أنت ليس الطرف الآخر، يا رفيقى إن كان هو فعليك أن تتأكد أنه يستحق كل هذا العناء، عليك أن تضمن هذا وعلى الرغم من اتفاقنا أن لا ضمانات فى تلك الحياة، إلا أنه الشىء الوحيد الذى يجب عليك أن تضمنه، فسلوكك هذا الطريق لا عودة فيه، وأيا كان ما ستحققه لن يكفيك وحدك، ولكن لابد وأن يكفى من تهوى - والذى أتمنى أن تكفيه عن الدنيا - لذا تيقَّن قبل المضى، فهى حياة واحدة، إما أن تنعم بأولى خطواتها مع من يستحق وإما أن تترنح فى طريقك على الدوام ولا تدرى كيف ومتى الاستقامة.