قانون الطوارئ إجراء طبيعى تتخذه الدول فى حالة التعرض لأخطار تهدد الأمن القومى.. ورغم أنه ضرورى فى الحالة التى تمر بها مصر، ولكن أعتقد أن الأمر أكبر من إجراءات تتيح للدولة القدرة على الحد من أى خروج على القانون يعرض حياة الناس للخطر إن استغلت فى سياقها الطبيعى.
السؤال الآن - فى حالة مصر هل يكفى قانون الطوارئ لحل مشكلة التطرف والإرهاب وإراقة الدماء وإزهاق أرواح الأبرياء؟؟
بمتابعة دوافع وعقلية الإرهابيين فى العمليات الأخيرة المتكررة، ستجد أنهم رغم شكلهم الطبيعى، إلا أنهم مختلفون فى طريقة التفكير نتيجة معايشتهم لمتطرفين فى سوريا والعراق، فقد تم تدريبهم وتجنيدهم وتغيير عقيدتهم وغسل عقولهم بأفكار جديدة مخالفة لعقلية الشعب المصرى وعقلية الأجهزة الأمنية وطريقة تدريبها.. وهذا ما ظهر فى نجاحهم فى تكرار التفجيرات الأخيرة.. وخصوصا تفجير الكنيسة فى الإسكندرية فعندما يئس الإرهابى من الدخول للكنيسة المستهدفة فجر نفسه فى رجال الشرطة، والمهم عنده النية كما تعلم فالجميع أمامه يستحقون القتل، المهم أن يفوز بالحور العين كما وعدوه.
أعتقد أن قانون الطوارئ فقط لا يجدى بمفرده مع أشخاص يكرهون الحياة وما فيها.. يسعون للموت بأى طريقة على أساس أن التضحية بحياتهم من خلال التفجير فى الأعداء الذين صورهم لهم من دربوهم وأقنعوهم أن الجنة هى جزاؤهم.! رغم أن هؤلاء المشايخ والمدربين لم يسعون لنيل شرف الشهادة المزعومة، وكأن معهم مفاتيح الجنة على أساس أن السماء أرسلتهم لتطهير البشرية من الدنس والكفر.. وبدون النظر لتبعات اختلافهم فى العقيدة وتعاملهم فى ما بينهم فى حالة لو خلت لهم الساحة وتمكنوا..
وطالما هؤلاء يتكلمون بالدين وبالفكر لذلك أعتقد أن الأمر يتطلب فى الأساس علاج حقيقى وجاد على المدى الطويل عن طريق مواجهة الفكر بالفكر بإرادة حقيقية من الدولة فى تحقيق ما قيل عن تجديد الخطاب الدينى ورفع كفاءة الأئمة والدعاة، من أجل زيادة الوعى والتثقيف بصحيح الدين مع الاهتمام بمحتوى التعليم وجودته لتصحيح المفاهيم قبل فوات الأوان.. وهنا لابد من السؤال، ترى كم مثل هؤلاء الإرهابيين تم غسل عقولهم ويعيشون بيننا وينتظرون اللحظة المناسبة لتنفيذ مثل هذه العمليات الجبانة وإن اختلف المكان أو الطريقة؟.
أرى أن الأمر خطير جدا ربما لا ندرك عواقبه الآن.. الأمر يحتاج إلى تحرك سريع ومخلص بداية من الأسرة مرورا بكل من له علاقة بمجالات ترتبط بدراسة علم الاجتماع وعلم النفس والكُتاب والمفكرين وكل من له تأثير على بناء الشخصية، سواء فى موضع مسئولية أو خارجها لابد من دراسة كيفية تجنب أثار ومسببات هذا التطرف ووضع برامج وحلول لها، والالتزام بتنفيذها بداية من التوعية الأسرية والتعليم ودور العبادة باختلاف مؤسساتها والإعلام، فالأمر ينذر بتسمم للمستقبل لو لم نعترف بالأخطاء ونسعى لمواجهته بكل صدق وإرادة ومسئولية.