جلست أتدبر فى القرآن الكريم فوجدت الكثير من الأمثلة التى أوردها الله سبحانه وتعالى لاستمراء المواقف البشرية، رغم وضوح الصورة وضرورة تصحيح الأوضاع، ومن تلك الأمثلة قصة الأخوين قابيل وهابيل، ورغم علم الشقيق اليقينى بأن عقوبة قتل أخيه ستكون شديدة ورغم ذلك استمر وقتل أخيه، وأصبح من النادمين لكن بعد فوات الآوان.
وهناك أيضا واقعة فرعون وقومه، وكيف تم نصحه وإرشاده، ولكن عندما أدركه الغرق آمن برب موسى عليه السلام، لكن بعد فوات الأوان، أما استمراء المواقف فقد ظهر جليا فى قصة عم الرسول صل الله عليه وسلم أبو لهب وزوجته، فهما يعلمان علم اليقين بأنهما فى النار ورغم ذلك استمرا فى غيهما حتى وافتهما المنية .
ربما من خلال هذا السرد لبعض النماذج الواردة فى كتابنا المقدس، أردت التعريج إلى واقعنا الحالى، فنحن قوم استمرآنا المواقف رغم وضوح الصورة، وكأننا قوم نرغب فى معادة أنفسنا والوصول بها إلى سحيق القيم والأخلاقيات ومستنقع الجهل .
هناك الكثير من الأشخاص يرغبون فى تحرير الأقصى والمقدسات وهو لا يعلمون شيئا عن رب المقدسات، رغم أن إصلاح النفس وإصلاح المجتمع الضيق المحيط هو الطريق لصلاح الأمة والعباد .
هناك الكثير يرغب فى التفوق والنجاح وبلوغ أعلى الدرجات الوظيفية، وهو يعتبر أن الوظيفة مجرد راتب شهرى ولا يطور من نفسه رغم أن الوظيفة إذا اقترنت بالتطوير والابتكار كانت السبيل للتميز .
هناك الكثير من التلاميذ يرغبون فى دخول كليات القمة ولا يعرفون طريق الكتاب والمذاكرة إلا عند الامتحان، رغم أن الاستذكار أولا بأول والجد منذ بداية العام هو الدرب السليم .
هناك الكثير يرغب فى رؤية جيل مثالى من الأبناء الملتزمين، وهو لا يعرف للالتزام طريقا مع أنه القدوة والمثال الذى يحتذى به .
هناك وهناك وهناك… ..إلخ
كل تلك الصور من استمراء المواقف هى التى أدت إلى حالة التبلد والخمول وعدم الارتقاء بين مصاف الأمم. هى كلمات أنشرها بين الفينة والأخرى ربما تجد صدى وربما لا، لكن يكفينى أنى حاولت.