نعانى جميعاً، وبالتالى تعانى بلادنا، من مشكلات كثيرة قتلناها جميعاً بحثاً، بعدما قتلنا وجعاً وألماً، حتى إن معظمها صار من شيمنا ومن سماتنا من كثرة الألفة التى تواجدت بيننا.
وخرج علينا من زمن قريب المنظرون والأكاديميون والخبراء بمصطلحات تشبه إلى حد كبير اللوغاريتمات التى يخاطب بها الطبيب الصيدلى فى وثيقة ما يعرف بالروشتة من أشهرها أن العلاج السحرى والآمن والأكيد هو التفكير خارج الصندوق، حتى إن الوزراء والمسئولين بدأوا يتحدثون نفس اللغة ولا جديد يعود على المواطن ليفاجأ أن الجميع يقع بفكره داخل الصندوق، بدليل أن الوزير يأتى إلى موقعه ثم يغادره دون أن يدرى أو يشعر به أحد، حتى اعتقد البعض أن الأفراد فى الغرب لا يضيفون جديداً، هم فقط ينفذون استراتيجيات موضوعة سلفاً، وهنا حلت مشكلاتنا محل الاستراتجيات أو الخطط المستقبلية التى يدور كل مسئول فى أتونها، حتى لو كان يتحدث بلغة وفقه التفكير خارج الصندوق.
وبما أن العمر يمر والطموح إن طال ذبل والأمل له عمر ثم بعدها ينكدر ولا جديد فى كل ضوء يشرق إلا اللغة المعادة والأخطاء المكررة والمعاناة الروتينية والهموم الحياتية والعنف الفكرى والسلوك العدوانى والعقم التفاؤلى والعشوائية المستدامة كل هذا من سمات وآهات جعلتنى أطالب بكل صوت عال أن اعدموا هذا الصندوق وألغوا حروف كلمته من أبجديات اللغة حتى لا ينجذب إليه كل مسئول ووزير فيخفت صوته ويتألم مثلنا تماماً وكأنه عاجز أو فاقد القدرة على التصرف.
أعدموا الصندوق ولنجرب حياتنا بلا صناديق، فقد يسرح العقل وينتعش ويعمل بلا سقف فيولد الطموح من جديد ويعود الأمل المفقود ويحيا بداخلنا الحلم فى غد أفضل إن لم يكن لنا فلأولادنا وأحفادنا، وحتى يكتب لنا أننا على الأقل لم نصبر أكثر من ذلك على هذه الصناديق التى أغلقت كل شىء ودمرت كل شىء بل كسرناها بأنفسنا وأنه لا سقف أبداً للحلم أو للطموح أو للأمل، وعليهم محاربة تواجدها من جديد.