إذا كان من المفترض ومن المنطق أن الدولة من خلال تطبيق القانون هى المنوط بها حماية أملاك الدولة، إلا أن الواقع يثبت عكس ذلك، فالدولة هى من تساعد بطريف غير مباشرة على البلطجة وتساعد الأقوياء من الشعب فى نهب أراضى الدولة .
الدولة دائما وأبدا تعمل بمنهج وضع العربة أمام الحصان، فمن يتابع ما تقوم به الدولة فى مجال تقنين وضع اليد على أملاك الدولة وبالأخص فى مجال استصلاح الأراضى الصحراوية يرى أنه إذا كانت هناك بعض الحالات التى يتم فيها طرح بعض الأرضى للبيع من جانب الدولة عن طريق المزايدة العلنية أو التخصيص لبعض المشروعات، إلا أن من يتابع ما يتم بالهيئة العامة للمشروعات وتنمية واستصلاح الأرض الصحراوية التابع لوزارة الزراعة، يجد أنها تقوم دائما بتقنين وضع اليد على أرض الدولة، بل أن هذا الطريق هو أقصر الطرق للتقنين، فلا مجال لشراء أرض الدولة إلا بعد إثبات وضع اليد على الأرض التى يرغب الشخص فى شرائها، لذلك أصبح كل شخص يرغب فى الشراء يحاول أولا اللجوء للبلطجة وفرض القوة لوضع اليد على الأرض، ثم التقدم بطلب لشراء هذه الأرض وهذه الحالات جعلت من العرب بالطريق الصحراوى أهل قوة ونفوذ، لأنهم يقومون بفرض السيطرة على الأرض، وبيع هذا الوضع للأغنياء من الشعب والذى يقوم بعد ذلك بالشراء من الدولة مرة أخرى.
وفى الريف قامت العائلات التى تملك القوة والسلاح بفرض سيطرتها على الأرض الصحراوية التى تقع فى نطاق القرية، ثم إعادة بيعها للمستثمر، والذى يقوم بإعادة شرائها من الدولة، وغالبا ما يحدث مشاكل وتصادم يصل إلى القتل بسبب وضع اليد. هذا الوضع المقلوب والذى يشبه بوضع العربة أمام الحصان هو الذى أدى إلى ظهور البلطجة فى الطرق الصحراوية فى كافة ربوع مصر المحروسة، وكذا ساعد على القتل والصراعات بين أبناء القرية الواحدة من ريف مصر ،فبدلا من أن يكون الشراء أولا عن طريق إعلان الرغبة بطلب يقدم للجهة المختصة .. نجد أن الناس تلجأ إلى وضع اليد لكى يمكن لها الشراء من الجهات المختصة، وهذا الأمر يجعل أرض الدولة سببا مباشر للبلطجة والصراعات والاقتتال ويساعد على فساد موظفى الهيئة المختصة الذين يساعدون واضع اليد فى إثبات هذا الوضع مقابل الحصول على الرشوة، وهو ما يسبب فى إهدار المال العام.
والحل فى رأيى سهل جدا لو كانت الدولة ترغب بالفعل فى منع سرقة أرض الدولة ومنع البلطجة عليها والاقتتال من أجلها، وهو لا يتعدى ولا يحتاج إلا وضع قانون لحماية ملكية الدولة فيجب وضع قانون يجرم وضع اليد على أرض الدولة ويصل بالعقوبة إلى السجن المشدد فى حالة ثبوت وضع اليد على أرض الدولة ويحرم واضع اليد من ميزة تملك هذه الأرض حتى ولو رغب فى الشراء، فيجب أن يكون الوسيلة الوحيدة لشراء أرض الدولة هى التقدم بطلب الشراء للجهة المختصة وليس وضع اليد.
ويجب حصر أملاك الدولة وأن تكون العقوبة لكل من يثبت من خلال المعاينة، أنه واضع اليد على أرض الدولة دون سند، وأن يكون تقديم الطلبات متاح فى كل الأوقات وليس طبقا لإعلان من الدول فى أوقات محددة حتى يمنع التلاعب من المسئولين، فكيف تكون جريمة السرقة جزاؤها تملك ما تم سرقته ؟،فإنه لا يجوز إثبات مشروعية إجراء بناء على إجراء جرمه القانون فحتى يكون الإجراء قائما منتجآ لإثارة يجب أن يكون هذا الإجراء، تم وفقا لصحيح القانون لأنه لا يمكن البناء على إجراء منعدم أو إجراء جرمه القانون، وذلك أنه من الثابت أن نبل الغاية لا يتحقق إلا بشرف الوسيلة. والقول بغير ذلك يجعلنا ... نطبق نظرية ميكيافيللى السياسية وهو أمر يأباه المنطق والتشريع السليم.