ذات يوم فى السبعينات اجتمع الشيخ زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة مع شيوخ القبائل الإماراتية ليشرح لهم تصوره فى بناء الدولة الإماراتية الحديثة وشرع يقول لهم وهم وسط الصحراء القاحلة هنا فى هذا المكان سوف نمهد الطرق ولنجعل هنا مدرسة وهناك مستشفى وهناك مسجد وهناك سوف نفعل كذا وكذا وفجأة يصمت وينظرا الكل إليه فيشرد بنظرة بعيدا" ثم يعود وينظر لأعينهم ويقول لهم بصوت يملؤه الثقة سوف نجعل بلدنا هذه مثل العراق ومدننا مثل البصرة.
ففى ذاك الوقت لم تكن الإمارات قد نهضت بعد وكانت فى بداية الطريق الذى رسمه ومهده الشيخ زايد طريق البناء والنهضة فبنى وطنا صار منارة للعالم ومثالا للإبداع والسحر والجمال.
أما العراق الذى ضرب به الشيخ زايد المثل الذى كان ينافس بحضارته العريقة ومدنه الجميلة البصرة وبغداد والموصل وغيرها أفضل مدن العالم فى ذالك الوقت والذى تولى رئاسته صدام حسين مضى فى طريق استنزاف الدولة ففى ثمانينات القرن الماضى أدخلها فى حروب وصراعات لا تنتهى وفى التسعينات عانت من العقوبات الدولية والحصار الاقتصادى ثم الاحتلال الأجنبى ثم داعش وشبح تقسيم العراق وفى النهاية رسالة ماجستير تحذر من الآثار السيئة على أطفال العراق فى ظل الأوضاع القائمة والنزاعات المسلحة ومن واقع الإحصاءات الموثقة نجد أن نسبة %44 من مجموع السكان البالغ عددهم 26 مليون نسمة هم من الأطفال، أى تحت سن الخامسة عشرة، منهم مما يزيد على 4 ملايين طفل دون سن الخامسة. واحد من كل ثمانية أطفال يموتون تحت سن الخامسة، وهى واحدة من أعلى النسب فى العالم. 20% من الأطفال فى سن الدراسة لا يداومون فى المدارس. فى العراق حالياً حوالى 25% من الأطفال دون الخامسة من العمر فى طريقهم إلى الموت بسبب سوء التغذية، 78% من البيوت تصلها الكهرباء ساعات قليلة فى اليوم، وفقط 37% من مساكن المدن (وبالكاد 4% من منازل القرى) فيها أنظمة لصرف المجارى، وفقط 61% لديها مياه للشرب، وتزداد نسبة الأمية بين الشباب وهكذا أصبح حال العراق.
وهذا هو الفرق بين إنسان بنى وزرع فحصد السعادة لشعبه وإنسان هدم وبعثر فجنى على نفسه وأرهق شعبه هذا هو الفرق بين زايد آل نهيان حكيم العرب وبين صدام حسين.