مأساتى .. أنى.. أنا
ساقتنى يدُ القدر..
إلى المدينة المحرّمة ..
حيث يسكنُ العمى ..
أبصار أهلها..
حيث تضيعُ الأحلام..
وتتبدد الرؤى..
حيث يموت الرضيع..
على ثديى أمه المقفر..
وتضعُ كل ذات حمل حملها..
حيث تحترقُ الأرواحُ..
الموؤدةُ تحت الثرى..
وتفيضُ من مدامعها ينابيعٌ
لتروى حدائقها من الكرى..
حيث تجوسُ الصرخاتُ ..
خلال الطرقات كما الحيوانات
الضالة..
لتنهش قلبَ كل غريب..
يحلُ بديارها..
وغريبٌ..أنا..
غريبٌ..أنا..
ألقتْ بى يدُ القدر..
ذات ليلة معتمة..
إلى جوف الأرض المحرّمة...
-2-
مأساتى..أنى..أنا!
أستيقظُ كل صباح..
وأقفُ أمام المرآة..
أبحثُ عن نفسى..
نفسى..
التى ضاعت منى..
فى خضم الرحلة..
فلا أرى على سطحها..
إلا العدم فى تجلياته الرخوة
أمدُ يدى..
أتحسسُ سطح المرآة الأملس..
بأناملى..
أبحثُ عن صورتى الغائبة..
خلف سطح المرآة..
أجدنى..
أجدنُى قابعًا..
خلف الوجود..
حيث لا وجود..
أرى مكانى.
خلف الزمان..
حيث لا زمان..أرانى..
أرانى..
متشحًا بأكاليل..
من الأشواك..والأحزان..
ألملمُ بقايا نفسى المفقودة..
من الجحور..والقبور..
ثم أمشطُ شعرى..
كما جرتْ العادة..
وأذهبُ إلى المقهى..
لأشربَ قهوة الصباح ..
السادة..الغامقة!
-3-
مأساتى..أنى..أنا!
أرسلتُ إلى العراف رسالة..
فظل يطاردنى برسائله المبهمة..
قال فى إحداها:
مصيركُ محفوفٌ بالتحولات..
وخطك ترسمه الحروفُ..
المُنزّلةُ قبل تاريخ البشر..
وقال فى ثانية:
أنت النجمُ الثاقبُ..
فى كنف سماء بلا ثقوب..
وقال فى آخر رسائله..
أمامك بوابة الأسرار..
إن ولجتْ عبرها..
ملكتْ بين يديك الأقدار..
تلوتُ أمام البوابة كلمات..
وجدتُها منقوشةً على كفى..
إلا أن البوابة ظلت مؤصدة..
ورحتُ أهيمُ فى التيه إلى الأبد...
**