لأننى أُدعى طارق، ونادراً ما تخلو يدى مِن مِسبَحةِ، فأصدقائى وزملائى المسلمون يسألوننى حائرين ساخرين، يا طارق إنت مسيحى ولَّا مُسلِم؟؟، فأُجيبهم ضاحكا، مسيحى وموحِّد بالله، والمقطع الأخير “موحِّد بالله“ هذا ما لا يعرِفه الكثيرون من إخواننا المسلمين.
بدايةً أُحِب أن أقول إننى لست واعِظاً وذلك لعدة أسباب، أهمها أننى رجل ساخر، لا يعرف كلامى طريق الجِديَّه والعبارات البَّراقة والرنانَّه، ثانياَ أن الوعَّاظ لديهم ذاكرة حديدية وقدرة هائلة على الحفظ، وهو ما لا ينطبق على العبد لله، ذاكرته، عفواً، لا توجد لديه ذاكرة، ولكن الأحداث المأساوية الإجرامية التى حدثت فى الآونة الأخيرة من تفجير وقتل لمصريين أقباط مسيحيين يقولون رَبِّى الله جعلتنى حائراً مندهِشاً، و بالطبع أكثر حزناً واكتئاباً، لماذا يحدث كل هذا؟؟ وقد كانت أول آية قرآنية كريمة أُنزِلت من سورة العلق بسم الله الرحمن الرحيم (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣) الَّذِى عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (٤)).
لِماذا إذا لم يقرأ هؤلاء القتلة المجرمون الآية القرآنية الكريمة ١٢٥ من سورة النحل (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِى هِى أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بالْمُهْتَدِينَ)، إذاَ فالله أعلم بمن ضَلَ عن سبيله، وما عليك إلا أن تدعوا إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة، وليس بالقتل والتفجير، وإن كان الله سبحانه وتعالى لم يُرغمنا أو يُجبْرَنا على شىء، بل أعطانا حرية الاختيار ما بين الجنة والنار، أن نكون أبرارا أم أشرارا، أن نكون مؤمنين أم كُفَّارا، أن نُخطئ ونتوب، أن نُذنب و يغفر الذنوب، هو الله الرحيم المُطَّلِع على خبايا الصدور والقلوب.
وأن نتذكر الآية ١١٨ من سورة هود ( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ) إذا أيها المُجرمون ٫٫ القَتَلَة ٫٫ السفَّاحون ٫٫ أى رَبٌّ تعِبدون ..أى إله تُرضون ٫٫ أى عقل أو قلب تحملون ٫٫ أى عبًث هذا أو جنون ٫٫ لا تقولون أنكم تدعون إلى سبيل الله ٫٫ فالله رحمن رحيم ٫٫ و لا تقولون أنكم تدعون إلى دين الإسلام ٫٫ فبأفعالكم هذه إليه تُسيئون ٫٫ و لكننا باقون ٫٫ مسلمون و مسيحيون ٫٫ نعُبُد الإله الواحد ٫٫ و نعيش فى الوطن الواحد ٫٫ نتشارك الهَمُّ و الحزن الواحد ٫٫ و أنتم إلى مزبلة التاريخ لراحلون ٫٫فأفعلوا ما شئتم فلن تُرهبونا ٫٫ و إنَّ لله و إنَّ إليه لراجعون.