يؤثر الفضاء الإلكترونى بطبيعته التفاعلية فى كثير من شئون الحياة المعاصرة وبخاصة الإبداع الأدبى، حيث يوفر ساحة ومنصة تكاد تكون مجانية للمبدعين الذين ضاقت أمامهم سبل النشر أو الوصول إلى القارئ .
لكن على الجانب الآخر هناك مخاطر من الفضاء الإلكترونى على الإبداع الأدبى، تتمثل فى سطحية الكثير من النصوص المنشورة على الشبكة العنكبوتية، حيث يستسهل الكثيرون ما تقدمه شبكة المعلومات الدولية من فرص النشر، فقد نجد شعراء وشاعرات على موقعى الـ "فيس بوك" و"تويتر" وآخرين قد لا يمتلك بعضهم الموهبة الحقيقة، ولكنهم يمتلكون جمهورًا غير قارئ من السهل ابتزاز مشاعره بكلمات لا تخضع لأى من أوزان الشعر المعروفة، بل وغير سليمة نحوًا وقافية، ومعنىً، ويقيم الكاتب والأديب بعدد أيقونات التعبير عن الإعجاب "اللايكات"، ورأى جمهور المتابعين حتى وإن كانوا مجرد هواة، مما أنتج نوعًا من التقييم والتقدير الوهمى وأضحى رأيهم يطغى على النقاد والأكاديميين المتخصصين والباحثين بشأن تلك الأعمال الإبداعية.
فقد أصبح بمقدور صاحب الموهبة الضحلة أن يصبح بين عشية وضحاها شاعرًا أو قاصًا، ويتلقى على صفحته أعدادًا كبيرة من الإعجابات التى تشيد بموهبته وإبداعه، معتمدًا فى ذلك على الثقافة المتدنية عند من يطالعون تعليقاته الأدبية الجديدة، كما لا تخضع هذه الأعمال لأى تقييم مسبق، على عكس نشر المطبوعات التى تتطلب مراجعة قبل النشر، وثمة خطر آخر يتمثل فى انتهاك الخصوصية، حيث تتعرض المواد المنشورة للسرقة الادبية.
وأخطر ما فى الأدب الإلكترونى أنه يطرح نفسه من تلقاء نفسه دون ضوابط نقدية ودون مواصفات ومقاييس إبداعية، مما يوحى بضمور الأدب الجاد مقابل هذا الأدب العابث والمنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي.