انتشرت فى مصر فى السنوات القليلة الماضية وتحديدا بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير ظاهرة تعتبر من الكوارث التى تحدث فى مصر، وهى القضاء على الرقعة الزراعية فى معظم المناطق الريفية على مستوى الجمهورية، وتبوير الأراضى الزراعية وتحويلها لمبانى سكنية، وللأسف لم يتم تطبيق القانون ضد من يعمل على تبوير الأراضى، كما كان يحدث من قبل، كل ما فى الأمر أن هناك بعض الإجراءات التى تتخذ ضد أصحاب تلك الأراضى ويتم بعدها عمل تصالح ويبقى الوضع كما هو عليه .
كنا نرى من قبل كيف كان الفلاح المصرى الأصيل يحافظ على أرضه وعلى زراعته أكثر من أبنائه وأكثر من نفسه، وكان عنده استعداد للموت فداء لها، أما الآن اختلف الوضع مع زحف العديد من سكان المناطق الريفية إلى الحضر والبحث عن أعمال بعيدة عن متاعب الزراعة كما يذكرون، وهناك من ترك الزراعة فى مصر وسافر إلى الخارج، ولكن كان الملجأ الوحيد له فى الخارج أيضا هو العمل فى الزراعة، ولكن هذه المرة يعمل فى أرض غيره بعدما كان يعمل فى أرضه هو، الأمر الناهى فيها للأسف ماتت الزراعة فى مصر وازدادت أسعار السلع الغذائية بسبب استيرادها من الخارج بدلا من زراعتها فى مصر.
وأصبحنا الآن نسمع فقط عن القطن المصرى وجودة القطن المصرى من خلال الأعمال الفنية القديمة التى نشاهدها فى التليفزيون، وانتقل القطن المصرى إلى رحمة الله ولكن لننظر جميعا إلى الأسباب التى أدت إلى ترك الفلاحين مهنتهم وتبوير الأراضى الزراعية، هناك العديد من الأسباب وهى الغلاء الكبير للبذور الزراعية والمواد الكيماوية التى تدخل فى الزراعة وجود مواد كيماوية مسرطنة تؤدى إلى قلة الإنتاج ببعض الأراضى الزراعية وتسبب الأمراض، غلاء الأيدى العاملة التى تعمل بالأراضى الزراعية، غلاء القيمة الإيجارية للأراضى الزراعية من قبل بعض الملاك، عدم وجود رقابة على الجمعيات الزراعية، مما يؤدى إلى بيع البذور بالأسواق السوداء بأضعاف ثمنها، هجرة الشباب من القرية إلى الحضر، بالإضافة إلى عدم توفير الدولة وبالأخص وزارة الزراعة احتياجات الفلاحين الملحة للنهوض بالزراعة فى مصر، وعدم توفير دورات تدريبية للأجيال الحالية على مبادئ الزراعات الحديثة والتى تساعد على زيادة إنتاج الأراضى الزراعية، عدم توفير الأجهزة الحديثة التى تستخدم فى الزراعة، وأخيرا عدم وجود تشريعات قوية تعمل على محاسبة من يسعون لتبوير الأراضى الزراعية وتحويلها إلى مناطق سكنية .