من نافذة العالم الموازى قررنا التقاط بعض الصور، ربما ليست بكثيرة ولكن ماهى سوى إيقاف لحظة من الزمن لتصبح مجرد ذكرى، ماذا لو توقف الزمن بالفعل؟ لم لا نعود لماضٍ بلا سموم؟.
توصلت علوم الفضاء إلى أن النجوم تموت، تظل تشع نوراً يلوح فى الافق فتتجلى ولكن ينتهى بها المطاف بأن تصبح ثقوباً سوداء، تلتهم كل ما يحيط بها، فجوة زمنية تصر على ابتلاع ما يحاول الاقتراب منها وكأن النجوم تحاول أن تصرح بأنها الحياة وعندما تموت تعلن عن موت ما يحيط بها، اعتيادها على أن تشع نورا سُجِنَ بين ثناياها حتى انفجر محدثاً ثقباً أسود، ما أغربها نهاية !
على نقيض آخر أصبح ذلك الكوكب المزعوم بكوكب الحياة كوكباً للإدمان، تجد الإنسان يمسك بهاتفه أو بحاسبه أو حتى بساعته الإلكترونية حتى وصل إلى مرحلة الإدمان الإلكترونى، ينتظر تخرجه ليصرح بذلك على صفحاته الشخصية فى شتى وسائل التواصل التى بالفعل أصبحت وسيلة لقطع التواصل لا إتمامه، يعد الإعجابات التى وصلت إليها صورته الشخصية وينسى لم التقطها من الأساس، فسلامى للاجتماعات العائلية التى اعتادت أن تصلح التلف الذى تحدثه الأيام، سلامى لطفولة ارتسمت بالبراءة وشباب كان يطارد من قبل العنفوان، سلامٌ لندوة نقاشية انتهت باحداث ارتقاء فكرى .
أصبحنا مساجين لدى هواتفنا ومقيدين بجوار اقرب واى فاي، هل سينطق القاضى بحكم البراءة يوماً ؟ .
إدمان الإنترنت أو ما يسمى بـ Internet Addiction Disorder) هو حالة نظرية من الاستخدام المرضى لشبكة الانترنت الذى قد يؤدى إلى اضطرابات فى السلوك، وأول من وضع مصطلح إدمان الإنترنت هى عالمة النفس الأمريكية كيمبرلى يونغ، التى تعد من أول أطباء علم النفس الذين عكفوا على دراسة هذه الظاهرة فى الولايات المتحدة منذ عام 1994.
وتعرف «يونغ» «إدمان الإنترنت» بأنه استخدام شبكة (الإنترنت)أكثر من 38 ساعة أسبوعياً.
تسيطر تلك الظاهرة على العقل البشرى فتسبب المشاكل الاجتماعية، التأخر فى التحصيل الدراسى، التوتر والقلق بصورة مستمرة وغيرها من الأعراض التى أصبحت طابعاً يتسم به المجتمع، فكثرة الاستخدام للهواتف الذكية الذى يعتبر الإنترنت وقودها جعلت من الإنسان مصاصاً للأشعة والكهرباء، مما يؤدى إلى تلف فى الجهاز العصبى، فقد ربطت دراسة علمية قام بها علماء أميركيون وعرضت فى ندوة دولية بلوس أنجليس فى 1993 زيادة عوارض الرعشة والنبض الزائد بخلل فى الجهاز العصبى بسبب ارتفاع الشحنة الكهربائية فى الجسد.والتى بدورها قد تؤثر على مراكز الدماغ المختلفة حتى تنتهى القصة بنهاية غير مرجوة .
"طباخ السم بيدوقه"، تتجسد تلك المقولة المصرية فى مقولة البروفيسور ليف سولفورد رئيس قسم الأبحاث فى جامعة لوند السويدية: «السويد أكبر مصدر للتلفون المحمول فى العالم، إننا لا نحتاج لأن ننتظر المستقبل لكى نشعر بخطورة وحجم ما يحدثه المحمول من أضرار، بل إننا نشعر به الآن، فأورام المخ الخبيثة تعد ثانى أسباب الوفاة من السرطان فى الأطفال أقل من 15 عاما، وأيضا فى الشباب أقل من 43 عاما فى السويد».
أما بالنسبة للتلف الأخلاقى فلن تكفى الحروف لعرض تلك المشكلة التى أصابت أطفالاً ومراهقين، كبار أو صغار، فنرى قصص حب إلكترونية مزعومة تنتهى بهرب فتاة من بين أحضان أسرتها أو بنشوء طفلٍ مشوه فكرياً وأخلاقياً يكون ضرراً على غيره فيما بعد .
هلا ذكرت لى آخر مرة اطلعت فيها على متصفحك باستبعاد اللحظة التى تقرأ فيها هذا المقال؟، من وجهة نظر أخرى يرى البعض أن الملل وطاقة الشباب هما العاملان الرئيسيان لتلك الظاهرة، متجاهلين أن الملل حجة مفتعلة تجر وراءها ملل آخر حتى ينتهى بنا المطاف باللاشىء !
تحولت طاقة الاختراعات والتطور إلى ثقوب سوداء ترسبت بين طيات ملامح حياتنا اليومية، نور العلم لم يعد نوراً بسبب سوء استغلالنا، من الواضح أن نجم العلم الساطع قد مات.
نعم أصبحنا ثقوباً سوداء نتجول فى أرجاء المكان، نمتص طاقةً من البيئة حتى كادت تنفذ، مستهلكين لا منتجين، أجساد تتجول وعقول قابعة فى الوحل وأرواح فى عداد الأموات .
فأتمنى أن نكف عن طهى خلايانا وأجسادنا بالنار التى أحدثها سوء استخدامنا للتطور الإلكترونى، راجية من المولى أن يمنحنا القوة للإصلاح وتجاوز المشاكل .