عزمت على الأمر وقررت بصورة نهائية أن تكون هذه محاولتى الأخيرة لفتح الصندوق، ذلك الذى ورثته عن آبائى وفشلوا جميعا من قبل فى فتحه ومعرفة ما يحوى، ومع ذلك كانوا يحرصون على الاحتفاظ به وتوريثه لبنيهم من بعدهم وإيصائهم بالحفاظ عليه.
أعلم جيدا عن محاولات أبى قبيل وفاته لفتح الصندوق، وفشله وموته بحسرته بعد أن أضاع حياته فى الدوران حول الصندوق ومعرفة ما يوجد بداخله.
على العموم هو صندوق غير عادى كما نعرف، ولا يمكن الجزم بطبيعة المادة التى صُنع منها، ربما يكون مصمتا من الداخل فهو ثقيل الوزن أحيانا وفى بعض الأوقات يكون أخف من الريشة التى تتقاذفها الريح فى يوم عاصف. وكما قيل على ألسنة الناس ورددته الأجيال فهو فى الأصل إرث آل لأحد أجدادى من زمن بعيد لكن لا يعلمون يقينا من صاحبه الأصلى .
أخرجته فوجدته ثقيلا كجبل، ويبدو أن رقدته قد زادته وزنا وجاهدت حتى رفعته على طاولة معدنية تتوسط الغرفة، كان الوقت بعد منتصف الليل بقليل وقد تأكدت من انقطاع المارة فى الشارع ونوم جميع سكان المنزل، ثم أحضرت أدواتى وقد رسمت من قبل خطة كاملة انتويت أن أكملها تلك الليلة وبنهايتها سيصبح الصندوق ككتاب مفتوح .
تحسسته من جميع جوانبه فوجدته أملسا شديد النعومة عن ذى قبل، دافئ بأحد جوانبه وشديد البرودة لدرجة الصقيع بباقى أركانه، لم أندهش فقد تبلّدت حواسى منذ أن وعيت وهذا الصندوق بحوزتى فكل فترة أرى منه عجبا .
أمسكت مطرقة ثقيلة أعددتها لهذا الغرض ورفعتها لأهوى بها على الصندوق وإذا بجرس الباب يدق بإلحاح شديد. أسرعت لأرى من الطارق البغيض.! فلم أجد سوى ورقة صفراء مطوّية من منتصفها، فتحتها فإذا بعبارة يتيمة بخط واضح شديد السواد تقول: لم يحن الوقت بعد .!