د. ماريان جرجس تكتب: عن آليات صناعة المجتمع الإنتاجى المثمر أتحدث

برع الإنسان فى صناعات شتى على الصعيد المحلى والعالمى، منها الضار ومنها النافع لجنسه، ومنها الذى اسُتخدم فى الضرر على عكس ما كان مقدر له فى البداية.. برع الإنسان أيضا فى صناعة الكراهية وصناعة الحروب وصناعة الموت ولكن بعد الحرب العالمية الأولى والثانية، أدركت دول كثيرة أن مثل تلك الصناعات لن تٌبقى على الجنس الادمى البشرى كثيرًا، واستفاقت وهو ما نسميه فى علم الروح نضج الادراك والتطور الفكرى البشرى. لذا اتجهت الدول الصناعية الكبرى للصناعة والإنتاج، وأن تفرض ذاتها على الخريطة وسيادتها لا بالحروب والغزوات والفتوحات والاستعمار، فعهد بونابرت وهتلر أصبح عهدا بائدًا فى نظرهم. غزو المجتمعات الاخرى بتوفير متطلبات ذلك المجتمع وأسواقه ودراستها.. وذلك علم لا يسُتهان به أن تدرس مجتمع غريب عنك دارسًا متطلباته واحتياجاته ونقوصاته وقوته الشرائية وتغزو ذلك المجتمع غريب الطباع عنك والثقافة والعرق والدين بمنتجاتاك !!! هو صلب الغزو المُربح المُجدى ليس الغزو القتالى الهدام الخاسر. وعلى إثر ذلك كان لصناعة المجتمع الانتاجى مقومات وأليات وخطط.. أولها: هى صناعة ميراث المحبة والتألف وقبول الاخر لا ميراث الكراهية والرفض، وهو ما يسعى اليه المستنيرين الآن فى مجتمعنا، فمن المستحيل أن يتحول مجتمعنا إلى مجتمع انتاجى ضخم دون قبول الغالبية العظمى من أطياف الشعب لبعضها البعض، بل أيضا استعادة طابع مجتمع المتعدد الأطياف والاستعانة بجنسيات مختلفة متعددة والاستفاده بخبراتهم ولن يتم ذلك الا بثقافة قبول الاخر والتعٌددية.. وفصل فكرة قبول الاخر مهما اختلف دينة او جنسة او لونه عن فكرة المساس بالدين!!، فالأديان السماوية جميعها نادت بهذا المبدأ، ولكننا إن كنا كوؤسًا فارغة فمن الطبيعى جدا أن أى فكر مسموم يخلط علينا الامر ويثير البلبلة داخل النفس البشرية ويشككها وهى أصعب أنواع البلبلة وأخطرها، ومن ثم تكون سياسة قبول الاخر هى اولى الخطوات لتسهل على الشخوص التعاون فى كل المشاريع والاعمال وكل ما هو مفيد للمجتمع، فالحروب الصغيرة الشخصية المبنية على أسس مذهبية او عرقية أو حتى شخصية عادة ما تكون معٌطلة لكل السفن السائرة. ثانيها: مؤخرًا اختلط الامر علينا جميعًا وشكونا واخذنا نشجب عن الحريات وحرية الرأى، ولكن ما أسهل أن نشكو من القمع ونلقى بالتهم عليه فى اى مجتمع دون دراسة موضوعية للوضع فبعيدًا عن الوطن العزيز .. هناك فرق كبير بين رفاهية المعارضة وضرورة المعارضة البناءة!!! ..فرفاهية المعارضة تأتى فى وطن استقام وقام ونعم بالاستقرار الكامل والنضج فلا نخشى من انهياره وأصلح كل المشاكل او اغلبها وهنا تتسع الساحة السياسة بل ترحب برفاهية المعارضة بكل أنواعها لانها لن تضر بأساس مجتمع قام وانتفض وانتهى بنائه. أما عن ضرورة المعارضة فهى ضرورة حتمية ليحدث توازن مجتمعى ولكن البنًاء منها وليس الهدام، ليس ذلك النوع الذى يثير البلبلة، وغالبًا ما يكون اعتراض من أجل الاعتراض دون دراسة الصورة كاملة، ولذا فلا تكون رفاهية المعارضة هى المطلوبة فى فتره نقاهة المريض أو علاجه بل ضرورة المعارضة البناء منها وكفى، لان غيرها سيكون المعطل الثانى فى وجه صناعة المجتمع الانتاجى، ولا أجد فى ذلك امتعاضًا ولكن حكمة. ..

ثالثها: فكر مغلوط هو الذى ورثناه من اخر عقود، وهو أن الجامعيين فقط هم أصحاب الكلمة والمنوط بهم التقدم بهذا المجتمع !! والباقى مهمشين، فاكتظت الجامعات المصرية بكل الشباب واُهٌملت الحرف الصغيرة وماتت المواهب الحرفية والمشروعات الصغيرة والفنون التى اذا أثمرت لوفرت من على كاهل الدولة الكثير من الاعباء والتكاليف لاستيراد أصغر الاشياء..اذا فهو مبدأ عقلى بحت يجب اصلاحه وأن الجامعات ليست فقط هى الطريق الوحيد للوصول إلى النجاح.. رابعًا: وهو تعاون خبراء الاقتصاد وخبراء التسويق والجودة لوضع معايير فى تحديد شكل ابتدائى للمنتج المصرى فمهما كثرت الدعاية للمنتج المصرى فى الاعلام لن يكون ذلك وحده هو الحل الأمثل السحرى لتوجيه المواطن تجاه منتج بلده !!! ولكن لماذا نترك الآخرون يدرسون مجتمعنا؟ ويدرسون متطلباته واحتياجاته وأولوياته وقواه الشرائية؟ فإذا تم مراعاة المعايير اللازمة المُشجعة دون لفت الانظار أو توجيه للمواطن المصرى لتشجيع منتج بلده سوف يكون ذلك تصرفاً شخصيًا تلقائيًا منه . إذا البطانة الأولى لصناعة المجتمع الانتاجى المثمر هى قبول الاخر والثانية ضرورة المعارضة البناءة لا رفاهية المعارضة للمعارضة والثالثة البداية بالاهتمام بالحرف واصحابها والمشروعات الصغيرة وتفتيت المبدأ الثلجى الذى سجن العقلية المصرية فى الجامعات فقط، وأخيرا وهى مهمة منوطة بخبراء الاقتصاد والاستثمار. هم أربع عوامل مرتبة خطوة تلو الاخرى لصناعة مجتمع انتاجى مثمر ليس فقط للكسب الاقتصادى وتوفير واصلاح ميزانية الدولة، ولكن لصد عزو البلدان الاخرى لمجتمعنا وفرض سيطرتها على أسواقنا ولاحياء الاعتزاز المصرى بهويته وكيانه وتعزيز الهوية المصرية داخل المواطنين والاصلاح الاقتصادى وعدم هجره الكفاءات للمجتمعات الاخرى ومنها الانتصار فى الحرب الاقتصادية والتى أصبحت أحدث أنواع الحروب وفرض اسم مصر على خريطة العالم الذى يتغير معالمه وحدوده بتغير التوازنات واختلاف القوى .. ليتنا نعى ما نحن بصدده ونغير من مفاهمينا بل نحدثها .



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;