سرحت بنظرى عبر النافذة حيث زهور النسرين تعكس شعاع الشمس وهو يتسلل ببطء يكشف عن سحر خاص .. كانت الأمطار قد توقفت فى الخارج بعد أن غسلت الشوارع المعبّدة ومسحت الغبار عن زجاج السيارات فبدت المدينة أنيقة ونظيفة .. وحيدا أستعيد ذكرياتى التى لا يكاد يتبقى فيها شئ .. ولكن تبقى ذكرى واحدة .. لكى أعيش بها .. قد تدمع العين ويزداد الاشتياق والحنين .. فمازلت لسنوات أبحث عن امرأة أصبحت أراها فى وجوه العابرات والنساء وجميع البشر .. ويرجع الخيال للوراء لسنوات بعيدة إلى هذا اليوم .. كنت أجلس أمام مبنى هذه الكلية .. فانتبهت إلى عيون فتاة جميلة ساحرة .. تمشى تفتخر بأنوثتها وشبابها .. ترفع أكمام بلوزتها إلى كوع يدها .. لا تأبى الحاضرين والمتلهفين لجمالها وسحرها .. ولم أنتظر قليلا حتى شعرت بدقات قلبى كإيقاع الموسيقى وعزف الجيتار .. فأدركت أنه حب جديد وأبدى .. وتوقف الزمن قليلا واعتزلت من حولى وبقيت أنا وهى فى هذه اللحظة .. وتحولت اللحظة إلى حياة والى عمر آخر .. عينيها كانت ساحرة تبعث فى قلوب من يراها الأمل والحياة والسعادة .. وكانت بالنسبة لى الصورة النهائية جسدا وروحا للمرأة التى ستظل معى لأخر العمر .
ومن ذلك اليوم لمدة أربع سنوات جعلت لى جدولا لميعاد وصولها وانصرافها من مبنى الكلية .
فكان قمة الرضا عندى أن أراها ثم أنصرف .. لا أحد يفهم أنفاسها وضحكتها ووجهها وعينيها وسحرها إلا أنا .
هناك أشياء يجب أن تبقى لكن نحيا بها .. وكم تمنيت أن استعيد هذه اللحظة مرة أخرى ولكن بقيت معى عمر آخر .. فأنا الآن أعتنى بزهور النسرين .