" خليجنا واحد... مصيرينا واحد... أمنُنا واحد"، جمل أدركها الآباءُ فى الخليج وحفظها الأبناء وزرعوها فى صدور الأحفاد لتُورّث للأجيال.
فحين الأزمات تظهر همم الرجال ليصبح الخليج كالجسد الواحد الذى يتداعى إذا اشتكى منه عضو.
وحقيقةً... يشهد التاريخ لهم بذلك بدءًا من محنة الكويت حتى عاصفة الحزم مروراً بفتنة البحرين، فقدّموا أرواحهم رخيصة حتى عادت الكويت، ووقفوا سدّاً منيعاً ضد مؤامرات الظلام التى حيكت لزعزعة استقرار البحرين، وانتفضوا سريعاً ولبّوا نداء الواجب فى اليمن حين رأوا الفتنةُ تحاك ضد مصالحهم وسلامة خليجهم، وأمن بلدانهم، وقدّموا الشهداء، وسيستمروا حتى ينتصر الحق على قوى الفتنة والباطل .
وحين تعرّضت شقيقتهم الكبرى مصرُ للخطر، وترنّحت وكادت أن تقع، وقفوا دون تردّد لدعمها، ولبّوا نداء العروبة، فكانوا نعم السند والعضد حتى زالت الغمّة وكشف الله عن مصر الغمّة إبان حكم الإخوان.
ولكن للأسف... شذّت قطرُ فى معظم تلك الأحداث عن الصف الخليجي، فكانت لها سياسات خاصة لا تحمل خيراً بطياتها، بل تنفّذ أجندات دولٍ أخرى ولكن بقناعها، فجعلت أرضها قبلة للشر يؤمّها كل خائن وإرهابى ومطلوب للعدالة فى مصر وغيرها، ووفّرت بوقاً إعلامياً ليكون منصة لمهاجمة مصر، فسبّبت لدول الخليج إحراجاً بسياساتها الانفرادية، وفى المقابل تغاضت مصر عنها لأجل إخوتها من دول الخليج وحفاظاً على علاقات الشعوب ببعضها.
ولكنها لم تكتف بذلك وتعى الدرس، بل حاكت المؤامرات على جيرانها من دول الخليج، فأظهرت خلاف ما تخفى بطريقة لا يقبلها عقل ولا يرضى بها أحد .
ورغم هذا .. قدّمت القيادة الخليجية العقلَ وراعت الأخوة وحق الجوار، وتألمت بصمت لئلا يشعر بألمها أحد، فتغاضت عن الأخطاء والتجاوزات .. ولكن ذلك لم يلقَ تقديراً واحتراما، وظنّوا ذلك ضعفاً ووهناً، وزاد الألم وعمّ الضرر، وأصبح الجرح لا يُطاق، مهدّداً سلامة المجتمعات وأمن الشعوب .
فصاغت قياداتهم بنوداً تحمل الخير للجميع، وتراعى المصلحة العامة، حين ارتأت أن سلامة الخليج وشعوبه تتلخص بتلك البنود، فأبتْ إلا رفضها والاستمرار بنهجها !
فاصدعى يا قطر لنداء الحق واتركى عنك طريق الباطل فإن الباطل كان زهوقا.