ما أن ينتهى رمضان وتنقضى أيام العيد يصيبك شىء من الفتور والضيق، ذلك أنك اعتدت مسلكاً، واستمرأت نهجا، وأدمنت طقساً، والتصقت بعادات، كل أولئك ارتبط بموسم سنوي، ما يفتأ أن يولى تاركك وحيداً تعانى مرارات الوحدة وعذابات الهجر، وغصة الفراق، لتبدأ فى محاولة استئناف الحياة التى لا تتوقف، فتداهمك أحداث السياسة ونوازلها، فها هو ذَا تنظيم الدولة الإسلامية يواجه ما يواجهه فى الموصل والرقة، وإن انتهت سيطرته المكانية، فلن تنتهى أطروحاته الفكرية وحروب عصاباته الشوارعية، وهاهو ذَا (قسد) القوات السورية الديمقراطية المدعومة أمريكياً ذات الأغلبية الكردية قد تواجه تدخلاً تركياً وشيكاً، قد يسفر عن تقسيم سوريا لتلبية طموحات المتقاتلين المتناحرين بالوكالة لقوى إقليمية ودولية
بعد تضافر كل تلك المفردات الإقليمية والظروف المحلية، والأحوال الإنسانية، كيف يخرج الإنسان من هذا الجو الخانق؟
فى تصورى أن كل فرد له تصوراته وتجاربه التى قد تخفف عنه الضغوط، وتوفر له متنفساً حتى لا يموت!
بالنسبة لى شخصيا، أرى أن الاستيقاظ مبكرا والذهاب لبائع الفلافل، لشراء بعض من أقراص الطعمية الساخنة، قد يكون سلوىً للقلب المنهك، وتغييراً للروتين الركيك، خاصةً أننى لا أتشرف بلقائها فى الشهر الكريم، رغم حبى لها وولعى بها !
كنت حريصاً على أن أكون أول مشتر، حتى أفوز بأقراص صحية، نالت أول قلية، وفلتت من السموم التى تجلب البلية وتصيب البطن بالتلبك والرزية، لكن هيهات هيهات، لما رأيت زيت القلية، هالنى سواده، فلقد فقد صلاحيته منذ أمد بعيد لعكارته ومظهره المقزز الفريد !
فأدركت أنه لا فائدة، وأن المعدة المصرية قادرة، وأن الحذر لا يمنع القدر، وبعد أن التهمت الأقراص، متناسياً كل مافات، أرانى الآن مقتنعاً أشد الاقتناع أننا فراعنة أولاد فراعنة.