انتظرت كثيرأ حتى تهدأ نبرة الرفض وحتى القبول لدى المواطنين على خلفية تحريك أسعار المواد البترولية، وتأتى تلك الزيادة الأخيرة فى إطار برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى تعكف الدولة على تنفيذه منذ تنفيذ قرار تعويم الجنيه المصرى، وهنا لابد أن ننظر للأمر على شقين أساسين ولابد من العمل عليهما بالتوازى، لأن الأمر لن يستقيم بأحدهما دون الآخر.
الشق الأول وهو أن الحكومة أولا قبل تنفيذ القرارات التى تمس أى مواطن والتى من الممكن أن تعمل على زيادة أعبائه المعيشية، أن يكون هناك نوع من أنواع التوعية بأهمية وضرورة تطبيق هذا القرار فى هذا التوقيت، بتوضيح الأسباب والأثار التى سيترتب عليه فيما بعد، وكذلك ايضاح الايجابيات التى ستعود بالنفع على الوطن ككل حتى تجعل من المواطن شريك وداعم أساسى فى صناعة القرارات، وعلى هذا الأساس تستطيع الدولة المضى قدما بخطوات ثابتة فى طريق الإصلاح الاقتصادى للوطن بمشاركة المواطنين أنفسهم بناء على وعيهم ومعرفتهم بل المساعدة فى التنفيذ وهذا ما يترتب عليه بناء جسور من الثقة القوية والشفافية من الدولة والمواطن .
ومن ناحية أخرى، لابد أن تعمل الدولة على إيجاد بدائل أخرى لتخفيف الضغط عن كاهل المواطن بعيدا عن فرض المزيد من الضرائب أو زيادة فى أسعار السلع والخدمات، على سبيل المثال ايجاد حلول عاجلة لمسألة المصانع المغلقة منذ فترة وإعادة تشغليها وانضمامها لعجلة الإنتاج، وتشغيل العمالة المتضررة من توقف تلك المصانع، وكذلك ضرورة النظر بإعادة توزيع الدخل على المواطنين والمتابعة والتنقيح المستمر لغير المستحقين لأى امتيازات تمنحها الدولة حتى تكون هناك عدالة حقيقية ويتم تغطية الشريحة الأكبر من محدودى الدخل .
أما الشق الثانى من منظومة الإصلاح، هو دعم المواطن فى المساعدة فى تنفيذ القرارات، وكما ذكرت سابقا بالشق الاول بناء وعيه ومعرفته وثقته بالدولة فى تقبل القرارات الاصلاحية، ولكن هناك البعض يتعامل مع تلك القرارات بمنتهى الانانية والاستغلالية ليحولها إلى مكاسب شخصية على حساب باقى المواطنين وهذا ما يؤثر على أداء تنفيذ القرارات الاصلاحية، لأنها تريد من حدة تأثيرها على أرض الواقع وهذا ما يؤدى إلى زيادة فى نسبة الرفض الشعبى لمنظومة الاصلاح الاقتصادى وشعورهم بأنه ليس اصلاحا، وإنما يقوم بهدم ما يوجد على الارض ويجعل من المواطنين فى التفكير بالمستقبل بقلوب يكتنفها الشعور بالخوف وضبابية المشهد.
وبناء عليه يجب السير معا على التوازى فى كلا الاتجاهين لضمان فاعلية تحقيق منظومة الإصلاح الاقتصادى بمصر، والتى نأمل أن تنتشل مصر من كبوتها وتعيدها على المسار الصحيح من جذب استثمارات جديدة لإقامة مشروعات اقتصادية تنموية، وبالتالى يعود بالنفع المباشر على المواطنين فى حياة كريمة ومستوى معيشى مناسب فلن تستقيم الأمور إلا بتكاتف الجميع لمستقبل مصر.