اقتحم المقهى وسلّم علينا جميعا بحرارة بالغة كما لو كان يعرفنا منذ زمن، وبسرعة رفع الكلفة والمسافة التى تفصله عن الناس، فراح يداعب هذا ويتضاحك مع آخر، ورغم جهلنا به إلاّ أن غالبية الحضور تبسّطوا معه فى الحديث، مجاراة له واستهلاكا للوقت .
واندفع يسرد علينا حكايات وقصص بحماس غريب، عن مواقف تعرّض لها بحياته، وعدّد لنا أشخاص وشخصيات بعضها وافته المنية وآخرين من أصحاب الوجاهة الاجتماعية لا يزالون على قيد الحياة، تحدث عنهم كأنهم أصدقاء أعزّاء له أو بينهم صلات قرابة قوية .
توقف فجأة عن حديثه المفرط، وفرك كفيه فى حبور غريب وسعادة أشد بدت على وجهه لا تناسب المكان أو الموقف ثم أدار عينيه فى الحضور وابتسم لنا جميعا ابتسامة وصلت فى مداها إلى حد القهقة، وهبّ واقفا متمنيا لنا مجلسا طيبا، واستأذن للانصراف لبعض شئونه .