أعلن البرنامج القومى لمناهضة ختان الإناث التابع لوزارة الصحة المصرية عن أول حملة للتوعية بخطورة ختان البنات بين الأطفال، من سن 10 إلى 18 عامًا بالمدارس، بمراحلها المختلفة والتجمعات الشبابية والمنتديات برعاية "انفراد" تحت شعار "أوعى تهين بنتك".
وانطلاقًا من عملى كمدرب تنمية بشرية متخصص فى تعديل الفكر المتطرف، أحببت أن أبيّن بعض الأمور لمن يتمسك ببعض الاعتقادات الخاطئة وأغلبها دينية عن فوائد ختان البنات كما يتصور هؤلاء، وهذه الأمور هي:
1 - من المعلوم أن ختان الذكور (وليس الإناث) من محاسن الشرع الحنيف ومن سنة إبراهيم عليه السلام، أما بالنسبة لختان البنات فلم يصح فيه أى دليل عن النبى (صلى الله عليه وسلم ) ومنها حديث « إِذَا خَفَضْتِ فَأَشِمِّى وَلَا تَنْهَكِي، فَإِنَّهُ أَسْرَى لِلْوَجهِ، وَأَحْظَى عِنْدَ الزَّوْج». وهو حديث ضعيف وقد ورد من عدة طرق وجميع الطرق شديدة الضعف، ولم يُحسّن هذا الحديث أحدًا من العلماء إلا الألبانى السلفى تبعًا للإمام الهيثمى، وهناك جمع من العلماء قد ضعّفوا هذا الحديث كالحافظ العراقي، وأبوداود صاحب السنن، وابن حجر وغيرهم الكثير .
وحديث: "أَلْقِ عَنْكَ شَعَرَ الْكُفْرِ، وَاخْتَتِنْ" هو حديث ضعيف وقد ضعّفه جماعة من العلماء كابن المنذر، وابن القطان الفاسي، وابن الملقّن وغيرهم.
وحديث: «الْخِتَانَ سُنَّةٌ لِلرِّجالِ، مَكْرُمَةٌ لِلنِّسَاءِ». هو حديث ضعيف وقد ورد من عدة طرق شديدة الضعف لا تنجبر، وقد ضعّف الحديث جماعة من العلماء كالشوكانى وابن كثير وغيرهم.
2 - يُصر مؤيدو ختان البنات على الاستدلال بهذا الحديث الصحيح وهو «إِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ وَجبَ الْغُسْلُ»، ونرد عليه بما يلى:
أولًا – إطلاق النبى (صلى الله عليه وسلم ) هذا اللفظ هو إطلاق تغليبى، فإن التثنية فى اللغة تأتى أحياناً لجمع الأمرين باسم الأشهر منهما مثل قولنا: العشاءان يعنى: المغرب والعشاء، والأبوان: نعنى الأب والأم .
ثانيًا – الحديث مؤول عند العلماء فهم لا يوجبون الغُسل بمجرد التقاء الختانين أو المس، وإنما بالإيلاج (وإن لم ينزل)، وإذا تُرك المعنى الحرفى فكيف يُقبل العمل بمفهومه .
ثالثًا – لا يعنى تسمية موضع القطع عند المرأة بالختان أن هذا الأمر يكون واجبا أو مستحباً بل أنه (صلى الله عليه وسلم ) حدثهم على معهودهم قبل الإسلام، فمن المعروف أن الختان موجود عند اليهود وخاصة الذكور، كما فى التوراة سفر التكوين، ولو شرّع الإسلام ختان الإناث لكان شيئاً جديداً على العرب، ولوجب إيضاحه وتفصيله بأدلة صحيحة .
3 - لم يصح أى دليل فى معرفة السلف أو الصحابة بختان البنات، وأشهرها ما جاء عن سيدنا عثمان بن عفان (رضى الله عنه) عندما أمر بختان بعض الجوارى وهو ما جاء عن أُمُّ الْمُهَاجرِ قَالَتْ: سُبِيتُ (أى وقعت فى الأسر، وأصبحت من السبايا) وَجوَارِى مِنَ الرُّومِ فَعَرَضَ عَلَيْنَا عُثْمَانُ الْإِسْلَامَ فَلَمْ يُسْلِمْ مِنَّا غَيْرِى وَغَيْرُ أُخْرَى فَقَالَ: اخْفِضُوهُمَا وَطَهِّرُوهُمَا فَكُنْتُ أخدم عثمان".
وهو أثر ضعيف لم يصح، فـ "أم المهاجر" هذه مجهولة وكذلك أم غراب التى روت عنها هذا الخبر.
ومنها ما جاء عن سيدنا إبراهيم بأنه أمر السيدة سارة بختان هاجر، فهى رواية ضعيفة من طريق أبى إسحاق السبيعى ورواها عنه سفيان بن عيينة بعدما تغيّر. وغيرها من الروايات الضعيفة والمروية عن الصحابة كعثمان بن أبى العاص و السيدة عائشة فى ولائم ختان البنات.
4- رأى جمهور العلماء فى هذه المسألة هى الإباحة أو المكرمة، وليس الاستحباب ولا الوجوب. ومن هذه الأقوال قول الإمام ابن عبد البر كما فى كتابه التمهيد "والذى أجمع المسلمون عليه: الختان فى الرجال".
5 - ردًا على من يقول أن ختان البنات من سنن سيدنا إبراهيم وقد جاء الأمر القرآنى باتّباع ملة إبراهيم، نرد بما قاله الإمام ابن عبد البر من حوالى 1000 سنة بأن فى ملة إبراهيم ما هو سُنّة وما هو فرض وما هو مباح، فضلًا عن أن الثابت عن سيدنا إبراهيم ختان الذكور وليس البنات.
6 - لم يثبت أن ختان البنات يتحكم فى رغبة المرأة بدليل أن أكثر النساء البغايا مختونات!! (فالختان لم يمنعهن من شىء)، وأن الذى يتحكم فى هذه العملية هو العقل أو التفكير فى هذا الأمر.
7 - ختان الإناث مشروع فى حالات الضرورة والعلاج وهو ما يحدده الطبيب الحاذق الثقة .
8 -وأما عن ادّعاء البعض بأنه معروف عند العرب كما جاء فى الشعر الجاهلي، نقول: لا توجد قرائن من الشعر العربى القديم تبين ختان الإناث اللهم إلا بعض ألفاظ المشاتمة والمعايرة: مثل يا ابن القلفاء وهذه لا تدل على حدوثه .
9 -هناك كثير من علماء السلفيين والإخوان وأشهرهم الشيخ سيد سابق قالوا كلمة الحق فى هذه المسألة، فقد قال فى كتابه المشهور فقه السنة (1\33): " أحاديث الأمر بختان المرأة ضعيفة لم يصح منها شيء "، ألا يكفيكم ذلك أيها المتشددون، ولماذا لا تتبعون حتى هؤلاء؟
حفظ الله مصر وشعبها ورئيسها وعلماءها .